في مجمع البرهان أيضا الميل إليه واستدل للمشهور بأنه بشراء ابن لبون يكون واجدا له دون بنت المخاض فيجزيه بمقتضى إطلاق النصوص المزبورة ودعوى انصراف النصوص إلى صورة وجود ابن لبون في أبله التي يتعلق بها الزكاة خصوصا الروايتين الأخيرتين اللتين وقع فيهما تقييد بدليته بكونه عنده فإن المتبادر منها أرادتها في صورة وجود ابن لبون في أبله من قبل دون ما إذا اشتراه عند إرادة دفعه إلى الفقير أو المصدق مدفوعة أولا بمنع الانصراف خصوصا في الخبرين الأخيرين الواردين في بيان تكليف المصدق وإذ المنساق منهما ليس إلا إرادة أنه إذا حضر المصدق بلدا ورأى شخصا مالكا لنصاب فإن وجده في ذلك الحين واجدا لفريضة ذلك النصاب أخذها منه وإلا فعليه أن يقبل منه الابدال التي عينها الشارع على النحو الذي ستعرفه فمن كان فريضته بنت مخاض ولم يكن عنده حال حضور المصدق بنت مخاض فليس للمصدق الزامه بتحصيلها بل عليه أن يقبل منه ابنة لبون أن دفعها إليه ويرد عليه شاتين أو عشرين درهما أو ابن لبون من غير أن يرد عليه أو يأخذ منه شيئا سواء كان ما يدفعه إليه مملوكا من قبل أو ملكه في ذلك اليوم أو في ذلك المجلس فالمراد بقوله وكان عنده ابن لبون كما في إحدى الروايتين وعنده ابن لبون كما في الأخرى على الظاهر هو التوطئة لقوله فإنه يقبل منه فالمقصود به ما هو مقدمة لهذا الفعل أي الملكية حال الدفع التي يتوقف عليها القبول منه كما لا يخفى على المتأمل ولو سلم انصرافه إلى ما كان عنده من قبل في جملة أمواله التي تعلق بها الزكاة فهو انصراف بدوي لا يقف عنده الذهن بعد الالتفات إلى عدم اشتراط كون الفريضة أو بدلها من أجزاء ما تعلق به الزكاة بل كونه ملكا له حال الدفع إلى الفقير أو المصدق فالتشكيك في جواز ابتياع أيهما شاء فيما هو محل الكلام الذي نجده في أنفسنا ليس ناشئا من انصراف النص إلى ما كان موجودا عنده فيما سبق بل من تنزيل القدرة على تحصيل كل منهما منزلة وجودهما عنده في تقدمها في الرتبة ولكن يدفعه دلالة النص على اشتراط تعين بنت المخاض بوجودها عنده لا بعدم القدرة على تحصيلها فما لم يكن عنده ابنة مخاض أجزاه ابن لبون سواء كان مملوكا له بالفعل أو اشتراه عند إرادة دفعه إلى الفقير إن قلت قد اعترفت أن الاجتزاء بابن لبون من باب البدلية فالفريضة الأصلية التي اشتغلت الذمة بدفعها أولا و بالذات هي بنت المخاض ولكنه إذا لم يكن عنده بنت المخاض وحصل عنده ابنة لبون أو ابن لبون ذكر اجتزى الشارع بدفعه بدلا عما وجب عليه وهذا خارج عن محل البحث إذ الكلام في أنه قبل الشراء مخير في ابتياع أيهما شاء وأما أنه بعد شرائه يتحقق الاجتزاء به فهو أجنبي عن ذلك قلت ليس ابتياع شئ منهما واجبا نفسيا وإنما وجب بحكم العقل مقدمة لتفريغ الذمة عما اشتغلت به فإذا جاز شرعا الاجتزاء بابن اللبون في تفريغ ذمته من ولو من باب البدلية ولم يكن هناك مانع عقلي أو شرعي عن شرائه لا يحكم العقل بتعين شراء بنت المخاض بل بالتخيير بين شرائها وبين شراء ما يقوم مقامها في هذا الحال الذي ليس واجدا البنت المخاض كما لا يخفى واستدل المصنف في محكي المعتبر للقول بتعين شراء بنت المخاض الذي نقله عن مالك بأنه مع عدمها لا يكون واجدا لابن لبون فيتعين عليه ابتياع ما يلزم الذمة وهو بنت المخاض ولأنهما استويا في العدم فلا يجزي ابن اللبون كما لو استويا في الوجود وفيهما ما لا يخفى بعد الإحاطة بما عرفت ومن وجب عليه سن و ليست عنده وعنده أعلا منها بسن دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهما وإن كان ما عنده أخفض بسن دفع معها شاتين أو عشرين درهما في المدارك هذا قول علمائنا أجمع قاله في التذكرة ووافقنا عليه أكثر العامة وعن الغنية والمنتهى ومجمع البرهان و غيرها أيضا دعوى الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة زرارة المروية عن الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام في حديث زكاة الإبل قال وكل من وجبت عليه جذعة ولم تكن عنده وكانت عنده حقة دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهما ومن وجبت عليه حقة ولم تكن عنده جذعه دفعها وأخذ من المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن وجبت عليه حقة و لم تكن عنده وكانت عنده ابنة لبون دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهما ومن وجبت عليه ابنة لبون ولم تكن عنده وكانت عنده حقة دفعها وأعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما وممن وجبت عليه ابنة لبون ولم تكن عنده وكانت عنده ابنة مخاض دفعها وأعطى معها شاتين أو عشرين درهما ومن وجبت عليه ابنة مخاض ولم تكن عنده وكانت عنده ابنة لبون دفعها وأعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن وجبت عليه ابنة مخاض ولم تكن عنده وكان عنده ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه ابن لبون وليس يدفع معه شيئا وخبر سبيع المروي عن الكافي والتهذيب ومقنعة المفيد عن أبيه عن جده عن جد أبيه أن أمير المؤمنين عليه السلام كتب له في كتابه الذي كتب له بخطه حين بعثه على الصدقات من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده حقة فإنه يقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنه يقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته حقة وليست عنده حقة وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه ابنة لبون ويعطي معها شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده حقة فإنه يقبل منه الحقة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض فإنه يقبل منه ابنة مخاض ويعطى معها شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته ابنة مخاض وعنده ابنة لبون فإنه يقبل منه ابنة لبون ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن لم تكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه ابن لبون وليس معه شئ الحديث وعن المختلف أنه نقل عن الشيخ علي بن بابويه وأبنه الصدوق في المقنع إنهما جعلا التفاوت بين بنت المخاض وبنت اللبون شاة يأخذها المصدق أو يدفعها في الحدائق قال هذا مأخوذ من كتاب الفقه الرضوي حيث قال (ع) في الكتاب المذكور بعد ذكر خمسة و ثلثين فإن زادت واحدة ففيها ابنة لبون ومن لم تكن عنده وكانت عنده ابنة مخاض أعطى المصدق ابنة مخاض وأعطا معها شاة وإذا وجبت عليه ابنة مخاض ولم تكن عنده و كانت عنده ابنة لبون دفعها واسترجع من المصدق شاة إنتهى وفيه بعد تسليم حجيته عدم صلاحيته لمعارضة ما عرفت كما لا يخفى ثم أنه قد حكى عن العلامة والشهيدين و بعض من تأخر عنهم القول بجواز الاكتفاء بشاة وعشرة دراهم وهو ليس بالبعيد إذ ليس الحكم تعبديا محضا كي يتوقف في استفادة مثل ذلك عن أدلته وكيف كان فظاهر النص والفتوى كون التقديرات المزبورة حدود شرعية لا تتوقف ثبوتها إلا على تحقق موضوعاتها فما عن الموجز وكشفه من اختصاص ذلك بما إذا كان القابض الساعي أو الامام دون الفقير أو الفقيه لأنه نوع معاوضة ضعيف إذ مع أن الفقيه أيضا كالساعي في جواز أن يتأتى مثل هذه المعاوضة من يتوجه عليه أنه ليس معاوضة حقيقية بل حكما شرعيا لا يتوقف إمضائه على رضا الفقير أو وليه ومن هنا يعرف أن الخيار في ذلك أي في دفع الاعلى أو الأدنى والجبر بشاتين أو عشرين درهما إليه أي إلى المالك
(٣٦)