الأولى مع أن المرسلة أبية عن الحمل على ما عدى الأولى كما لا يخفى فالقول بعدم الكفارة كما عن المعتبر والمنتهى وجماعة لا يخلو عن قوة انتهى كلامه رفع مقامه وهو جيد بل لا يبعد دعوى انصراف خبر المروزي بنفسه إلى إرادة ترك الاغتسال اختيارا لا لدعوى ظهور النسبة في الاختيار كي تكون قابلة للمنع بل لمناسبته للكفارة ولما في ذيل الخبر من قوله ولا يدرك فضل يومه إذ الظاهر أن ذكره من باب اللطف والتحريص على التجنب عن ترك الاغتسال لا محض الاخبار عن امر واقعي كي لا ينافيه الاضطرار فليتأمل ولو استمنى فحصل الامناء أو لمس امرأة فامنى فسد صومه بلا خلاف فيهما على الظاهر في الجملة بل في المدارك وغيره دعوى الاجماع صريحا على أن الاستمناء مفسد للصوم وعن المصنف في المعتبر أنه قال ويفطر بانزال الماء بالاستمناء والملامسة والقبلة اتفاقا وعن التذكرة والمنتهى نحوه ويدل عليه مضافا إلى الاجماع صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعبث باهله في شهر رمضان حت يمنى قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع ومرسلة حفص بن سوقة عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع في شهر رمضان وموثقة سماعة قال سئلته عن رجل لزق باهله فانزل قال عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين ورواية أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فادفق قال كفارته ان يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة وعن الصدوق مرسلا قال قال أمير المؤمنين عليه السلام أما يستحيى أحدكم ان لا يصبر يوما إلى الليل انه كان يقول إن بدو القتال اللطام ولو أن رجلا لصق باهله في شهر رمضان فادفق كان عليه عتق رقبة ومقتضى اطلاق هذه الأخبار فساد الصوم ووجوب الكفارة بخروج المني بواسطة الملاعبة والتقبيل ونحوهما وان لم يكن ذلك مقصودا له ولا من عادته ذلك كما هو ظاهر عبارة المتن وغيره ويؤيده أيضا بل يدل عليه المستفيضة الدالة على كراهة القبلة و الملامسة ونحوهما معللا ذلك بمخافة ان يسبقه المني إذ لولا خروج المني من غير إرادة عقيب الفعل الذي يكون معرضا له مفسد للصوم لما يناسبه التعليل منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه فقال إن ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المني وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم جميعا عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان قال إني أخاف عليه فليتنزه من ذلك الا ان يثق الا ان يسبقه منيه وصحيحة منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الصائم يقبل الجارية والمرأة فقال اما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا باس واما الشاب الشبق فلا لأنه لا يؤمن والقبلة احدى الشهوتين قلت فما ترى في مثلي يكون له الجارية فيلاعبها فقال لي انك لشبق يا با حازم الحديث وموثقة سماعة انه سئل أبا عبد الله عن الرجل يلصق باهله في شهر رمضان فقال ما لم يخف على نفسه فلا باس ولكن ينبغي صرف اطلاق الروايات المزبورة لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها بل وكذا اطلاق عبارة المتن ونحوه إلى ما لو كان فعله معرضا لخروج المني بأن يكون على وجه يمكن خروجه منه بمقتضى عادته واما لو كان حال اللمس والتقبيل مطمئنا بعدم كونه مورثا لتهييج المشهورة الموجبة لخروج المني فسبقه الماء من باب الاتفاق فلا فان من المستبعد ثبوت الكفارة في الاضطراري المحض فيشكل استفادته من مثل هذه الاطلاقات مع أنه لو كان خروجه مفسدا مطلقا ولو لم يكن ذلك من عادته ولا كان يحتمله احتمالا يعتد به بحيث يخاف منه لكان الأنسب اطلاق النهى عنه في هذه الأخبار من غير استثناء صورة الا من وعدم الخوف على نفسه ويؤيده أيضا ما عن الصدوق في المقنع مرسلا عن علي عليه السلام قال لو أن رجلا لصق باهله في شهر رمضان فامنى لم يكن عليه شئ يحمله على ما إذا لم يكن ذلك من عادته ولا من قصده ولكنه حصل من باب الاتفاق جمعا بينه وبين غيره مما عرفت فليتأمل وكيف كان فما في المدارك من تخصيص الحكم صورة القصد حيث قال والأصح ان ذلك يعنى اللمس ونحوه يفسد الصوم إذا تعمد الانزال بذلك ضعيف مخالف لظواهر النصوص والفتاوى والله العالم ولو احتلم بعد نية الصوم نهارا لم يفسد صومه اجماعا كما ادعاه غير واحد ولا يجب عليه البدار إلى الغسل بلا نقل خلاف فيه عن أحد بل في المدارك نقل عن المنتهى أنه قال لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد لم يفسد صومه ويجوز له تأخير الغسل ولا نعلم فيه خلافا انتهى ما في المدارك والظاهر أن قوله ولا نعلم فيه خلافا من تتمة ما حكاه المنتهى ويحتمل كونه من كلامه وكيف كان فيدل عليه الأصل بعد انتفاء ما يدل على حرمته نعم ربما يستشعر وجوب المبادرة إلى الغسل من قوله عليه السلام في مرسلة إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة إذا احتلم في شهر رمضان نهارا فليس له ان ينام حتى يغتسل فإنه مشعر بوجوب المبادرة إلى الغسل وظاهر في حرمة النوم قبل الاغتسال ولكن لقصوره عن الحجية لما فيه من الارسال والاضمار ومخالفة ظاهره لفتاوى الأصحاب لا يصلح دليلا الا للكراهة من باب المسامحة وكذا لا يفسد صومه لو نظر إلى امرأة حلال أو حرام فامنى على الأظهر أو استمع فامنى أو تخيل فامنى للأصل وحكى عن الشيخ القول بوجوب القضاء عليه إذا كانت المنظورة لا تحل له بشهوة وعن أبي الصلاح أنه قال لو اصغي إلى حديث أو ضم أو قبل فامنى فعليه القضاء والأصل حجة عليهما الا ان يريداه مع الاعتياد فيمكن حينئذ استفادته من الأخبار المتقدمة بتنقيح المناط ولكن لا يتجه حينئذ تفصيل الشيخ بين كون النظر حلالا أو حراما هذا كله فيما لو لم يكن قصده خروج المني والا فهو من الاستمناء الذي لا خلاف في حرمته وكونه موجبا للقضاء والكفارة كما لا يخفى تنبيه لو انتقل المني عن موضعه الأصلي بسبب غير اختياري كالاحتلام ونحوه وتمكن من امساكه وحفظه عن الخروج إلى الغروب لم يجب عليه ذلك وان امن من ضرره فضلا عما لو تضرر به أو شق عليه استمساكه إذ لا يصدق عليه اسم الاستمناء ولا الجنابة العمدية الموجبة لفساد الصوم وكونه قادرا على المنع عن خروجه لا يجعل فعله من حيث هو عمديا بل لو بقي المني بنفسه في المجرى جاز له الاستبراء واخراجه ببول ونحوه فإنه وان صح حينئذ توصيفه بالجنابة
(١٨٨)