العامد وفيه ما عرفت فيما سبق من أن المدار في ثبوت الكفارة على تعمد الافطار وعدم جواز فعله شرعا لا يجعله مندرجا في موضوع قوله عليه السلام من افطر متعمدا الخ نعم لو احتمل الفجر والتفت تفصيلا إلى حجية قول المخبر وانه يثبت به الفجر شرعا ولا يجوز معه الاعتناء باحتمال السخرية أو تعمد الكذب ونحوه و اقدم مع ذلك على الاكل اندرج بحسب الظاهر في موضوع الحكم ولكن هذا الفرض خارج عن موضوع كلماتهم لأن كلامهم فيمن هو عازم على الصوم ولكنه يأكل ولا يعتنى بقول المخبر بناء منه على أن الفجر لا يثبت بقوله والا لا يتأتى منه العزم على الصوم فلا يتفاوت الحال حينئذ في عدم صدق تعمد الافطار بين كون هذا البناء صحيحا كما لو كان المخبر فاسقا أو فاسدا كما لو كان عدلا أو عدلين بناء على حجية قول العدل أو العدلين في المقام نعم على تقدير الحجية لا يتوقف ثبوت القضاء على تبين وقوع الاكل بعد الفجر بل يكفي فيه عدم ثبوت خلافه كما لا يخفى هذا كله فيما لو لم يباشر بنفسه المراعاة واما مع مباشرته للمراعاة وعدم تبين الفجر عنده فلا شبهة في جواز فعله وإن كان المخبر عدلا أو عدولا فضلا عن لزوم الكفارة عليه لأن حجية خبر العدلين أو العدل الواحد على تقدير تسلميه في مثل المقام انما هو إذا لم يتبين مستنده واما مع تبينه وعدم حصول الاذعان به كما في الفرض فلا فإنه من قبيل تقليد أحد المجتهدين للاخر الذي يخطأ في اجتهاده وربما يشهد لذلك أيضا مضافا إلى ذلك موثقة سماعة قال سئلته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال أحدهما هوذا وقال الآخر ما أرى شيئا قال فليأكل الذي لم يتبين له الفجر وقد حرم على الذي زعم أنه رأى الفجر ان الله عز وجل يقول كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر بل قضية اطلاق موثقة سماعة المتقدمة النافية للقضاء عمن بدء بالنظر قبل الاكل المعتضد بمفهوم العلة الواقعة في ذيلها كاطلاق فتاوى الأصحاب نفى القضاء أيضا في مثل الفرض فالأظهر صحة الصوم وسقوط القضاء مع المراعاة مطلقا ولكن الظاهر اختصاص هذا الحكم بشهر رمضان لمخالفته للأصل واطلاق الروايات الدالة على فساد الصوم بتناول المفطر بعد طلوع الفجر واختصاص ما دل على الصحة مع المراعاة وهو موثقة سماعة وصحيحة معاوية بن عمار المتقدمتين بصوم شهر رمضان ان اما الموثقة فواضح لوقوع التصريح في السؤال بوقوعه في شهر رمضان اما الصحيحة فإنه وان لم يقع فيها التصريح بذلك ولكن يفهم ذلك مما فيها من الامر باتمامه و القضاء كما لا يخفى فما في المدارك بعد ان ذكر ان مقتضى رواية الحلبي فساد الصوم بتناول المفطر بعد طلوع الفجر مطلقا وحكى عن العلامة وغيره التصريح بهذا الاطلاق من قوله وينبغي تقييده بغير الواجب المعين أما المعين فالأظهر مساواته لصوم رمضان في الحكم انتهى لا يخلو عن نظر لأنه تقييد بلا دليل وكذا يجب القضاء خاصة بالافطار تقليدا لمن اخر ان الليل دخل ثم تبين فساد الخبر وان جاز له التقليد لعمى وشبهه أو كان المخبر عدلا أو عدلين وقلنا بحجية قوله فضلا عما لو لم يكن كذلك إذ لا منافاة بين جواز التقليد وثبوت القضاء وعند انكشاف الخطاء كما تقدمت الإشارة إليه انفا وقد ظهر فيما مر وجه وجوب القضاء ونفى الكفارة في مثل الفرض فلا نطيل بالإعادة فما عن جملة من الأصحاب من نفى القضاء على تقدير جواز التقليد وارساله ارسال المسلمات محل نظر إلا أن يكون مجمعا عليه وهو غير معلوم بل مقتضى اطلاق المتن وغيره خلافه بل قد يتجه الالتزام بثبوته على تقدير عدم جواز التقليد ما لم يتبين مصادفته لليل فلا يتوقف حينئذ على تبين فساد الخبر لحصول الافطار في الوقت الذي يجب عليه ترتيب اثر بقاء اليوم بحكم الأصل اللهم إلا أن يقال إن تنج التكليف بالقضاء فرع احراز فوات الواجب في وقته لأنه بأمر جديد ومتفرع على الفوت فما لم يحرز موضوعه لا يتنجز التكليف به والأصل لا ينهض باثباته كما تقدم تحقيقه في مسألة الجلد المشكوك ذكرته في اخر كتاب الطهارة ولكن يتوجه عليه ما مر مرارا من أن القضاء وان قلنا إنه بأمر جديد ولكن الامر الجديد حيثما ورد يكشف عن عدم اختصاص مطلوبية ما تعلق به الأمر الأول بخصوص وقت بحيث تفوت بفواته بل هو باق بصفة المطلوبية حتى يخرج المكلف عن عهدته فحينئذ لا يتوقف تنجز التكليف بالقضاء على احراز فوت الواجب بل يكفي فيه عدم احراز حصوله في ذلك الوقت إلا أن يكون هناك أصل حاكم كاصالة الصحة أو قاعدة الشك بعد الفراغ أو بعد خروج الوقت ونحوه وهو مفقود في الفرض أو يقال بأن التكليف بالقضاء تعلق في عناوين أدلته بايجاد المفطرات في نهار رمضان فإذا احرز موضوعه بالأصل يترتب عليه حكمه وهو سببية الاكل فيه للقضاء كسائر الموضوعات الخارجية التي جعل الشارع لها أحكاما شرعية تكليفية كانت أو وضعية كما فيما نحن فيه الذي هو نظير سببية اتلاف مال الغير للضمان الذي يحرز موضوعه بالاستصحاب فليتأمل وقد يقال في صورة عدم جواز التقليد بوجوب الكفارة أيضا اما بدعوى صدق الافطار متعمدا بعد فرض كونه مكلفا في مرحلة الظاهر بترتيب اثر اليوم شرعا أو بدعوى ترتبها على مطلق الافطار الغير السائغ شرعا وقد أشرنا في الفرع السابق إلى عدم خلو كل من الدعويين من النظر بل المنع نعم لا يبعد صدقه مع التفاته تفصيلا إلى تكليفه واقدامه على الاكل بلا مبالاة بمصادفته لليوم ولكن هذا بحسب الظاهر خارج عن مفروض كلماتهم كما أشرنا إليه في الفرع السابق والخامس الافطار الظلمة الموهمة دخول الليل أي الموقعة له في الغلط والاشتباه ما لم يظن معها بدخول الليل فإنه يوجب القضاء دون الكفارة وقد أشكل على كثير من المتأخرين تصور موضوع هذا الحكم نظرا إلى أن المراد بالوهم ان كان معناه المصطلح وهو ما يقابل الشك والظن يشكل الالتزام بنفي الكفارة بعد قضاء العرف وضرورة العقل بعدم جواز الافطار بمجرد احتمال انقضاء اليوم احتمالا موهوما في مقابل الاستصحاب وقاعدة الشغل التي على من الفطريات في مثل المقام الموجبة لاندراجه في موضوع متعمدا لافطار بحكم العرف وشهادة العقل إذا لجزم بحصول الافطار غير معتبر في صدق اسم العمد كما مرت الإشارة إليه مرارا وان أريد من الوهم الظن كما هو أحد اطلاقاته ومن غلبة الظن في عبارة المصنف (ره) ونحوها الظن القوى لا مطلقه يشكل الالتزام بهذا التفصيل إذ لا يساعد عليه دليل كما ستعرف وحكى عن الشهيد في بعض تحقيقاته انه فرق بين الوهم والظن بأن المراد الوهم ترجيح أحد الطرفين لا لامارة شرعية ومن الظن الترجيح
(١٩٩)