كان كمتعمد البقاء وشرط بعض الأصحاب مع ذلك اعتياده الانتباه والا كان كمتعمد البقاء على الجنابة ولا بأس به ثم قال في شرح قول المصنف ولو انتبه ثم نام الخ قد تقدم ان النومة الأولى انما تصح مع العزم على الغسل وامكان الانتباه واعتياده فإذا نام بالشرط ثم انتبه ليلا حرم عليه النوم ثانيا وان عزم على الغسل واعتاد الانتباه لكن لو خالف واثم فأصبح نائما وجب عليه القضاء خاصة انتهى وفي المدارك بعد أقل عبارة المسالك قال ويمكن المناقشة في تحريم النومة الثانية لعدم وضوح ماخذه وربما استدل عليه بقوله عليه السلام فليقض ذلك اليوم عقوبة والعقوبة انما تثبت على فعل المحرم و هو استدلال ضعيف فان ترتب هذه العقوبة على فعل لا يقتضى تحريمه والا صح إباحة النومة الثانية بل والثالثة أيضا وان ترتب عليهما القضاء كما اختاره العلامة (ره) تمسكا بمقتضى الأصل السليم عن المعارض انتهى وهو جيد وربما يؤيد ما ذكره في تضعيف الاستدلال وورود نظر فيما لا حرمة فيه جزما كما في موثقة سماعة الواردة في ناسي النجاسة عن الصادق عليه السلام قال يعيد صلاته كي يهتم بالشئ إذا كان في ثوبه عقوبة لنسيانه واضعف منه الاستدلال له بالامر بالاستغفار في ذيل صحيحة الحلبي المتقدمة الواردة في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح لوروده بمقتضى ظاهر السؤال فيمن نام عن قصد إلى الصبح بحيث لو كان يعرضه الانتباه في الأثناء كان يعود إلى نومه كما هو الغالب فيمن ينام بعد العشاء ولا داعي له إلى فعل شئ في الليل من صلاة أو غسل ونحوه فهو ملازم لعدم كونه مريدا للغسل فمن هنا يحتمل أن يكون ذكره من باب الكناية والتمثيل بأن يكون المقصود بقوله ثم نام متعمدا حتى أصبح التعبير عن أنه ترك الغسل عمدا لا خصوص النوم من حيث هوا الذي هو ملازم للترك وكيف كان فظاهر السؤال وروده في غير مريد الغسل وهذا ممالا كلام فيه فإنه ملحق بالعامد كما عرفت ودعوى أنه لا بد من صرفه إلى صورة العزم على الغسل بحمل قوله ثم نام متعمدا الخ على إرادة العمد إلى أصل النوم الغير المنافى لإرادة الانتباه والغسل في الليل لا العمد إلى النوم حتى يصبح كي يمتنع اجتماعه مع إرادة الغسل إذ لو كان واردا في مريد النوم إلى الصبح لكان اللازم لكونه في مقام البيان ذكر الكفارة أيضا لأنه كمتعمد البقاء على الجنابة فعدم ذكرها دليل عدم وجوبها وهو يكشف عن إرادة صورة العزم على الغسل مدفوعة بانا لو سملنا هذا اللزوم لكان اللازم صرف ما دل على الكفارة بالبقاء على الجنابة عمدا إلى الاستحباب فإنه أولى من صرف الجواب في هذه الصحيحة إلى خصوص مريد الغسل الذي لو لم نقل بظهور السؤال أو صراحته في غيره فلا أقل من عدم ظهوره في ارادته بالخصوص فكيف يصح حمل الجواب مع ما فيه من ترك الاستفصال على ارادته بالخصوص والحاصل انه لا يمكن حمل هذه الصحيحة على خصوص مريد الغسل الذي لا يجب عليه الكفارة وترك ذكر الكفارة فيها كتركه في صحيحة أحمد بن محمد التي هي أصرح من هذه الصحيحة في ورودها في متعمد النوم إلى الصبح وإن كان مشعرا بعدم وجوبها أو ظاهرا في ذلك و لكن لا بالدلالة اللفظية بل من باب السكوت في مقام البيان فيجب رفع اليد عنه بالاخبار المبينة له لحكومتها عليه كما لا يخفى نعم يمكن الاستدلال لحرمة النوم مطلقا ما لم يغتسل بقوله عليه السلام في مرسلة عبد الحميد إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فليس له ان ينام حتى يغتسل وان أجنب ليلا فلا ينام ساعة حتى يغتسل ولكن يتوجه عليه ان هذه الرواية مع ما فيها من الارسال والاضمار ومخالفة ظاهرها لظواهر غيرها من النص وفتاوى الأصحاب بل صريحها لا تصلح دليلا الا للكراهة من باب المسامحة وقد يتخيل اقتضاء قاعدة المقدمية حرمة النوم ما لم يثق من نفسه الانتباه في الليل ويدفعه ان قاعدة المقدمية لا تقتضي الا ايجاب ما يتوقف عليه فعل الصوم وهو ايجاد غسل في الليل فله اختيار فعله في اخر الوقت كما هو الشان في كل واجب موسع والزام العقل بترك النوم مقدمة له موقوف على احراز توقفه عليه والا فمقتضى الأصل براءة الذمة عن التكليف به واحتمال صيرورته سببا لفوت الواجب الذي تنجز التكليف به غير موجب لالزام العقل بالتحرز عنه بعد استقلاله بقبح العقاب على تركه الغير المستند إلى اختياره وكونه قادرا على الخروج عن عهدة الواجب أما بتقديم الغسل أو ترك النوم لا يجعل الترك الناشئ من اختيار النوم الذي يحتمل معه الانتباه والقدرة على الخروج عن عهدة الواجب بمنزلة الترك الاختياري الذي يصح العقاب عليه بعد ان ليس له طريق شرعي أو عقلي يلزمه بالاحتياط إذ المفروض عدم دليل شرعي يدل عليه والعقل لا يوجب الاحتياط الا من باب دفع الضرر المحتمل ولا احتمال بعد استقلال العقل بقبح العقاب من غير بيان وعدم صحة المؤاخذة على الترك الغير الاختياري وتوهم ان قضية ايجاب شئ موسعا كالصلاة من الزوال إلى الغروب وجوب اختياره في أول زمان التمكن منه الا ان يثق من نفسه ولو بواسطة ظن السلامة ونحوه التمكن من فعله على تقدير التأخير لأن التوسعة انما هو في حق من قدر على فعله في أي وقت شاء فجواز التأخير له موقوف على احراز كونه ممن يقدر عليه في اخر الوقت مدفوع بأن قضية التوسعة عدم تعينه عليه في شئ من اجراء الوقت بخصوصه بحسب أصل الشرع فتعينه عليه في جزء موقوف على انحصار قدرته فيه وعجزه عن الاتيان به في وقت اخر فما لم يحرز ذلك ينفى تعينه عليه بالأصل فوجوبه في خصوص الجزء الأول من الوقت مشروط بعدم القدرة عليه في الزمان المتأخر لا ان جواز تركه فيه مشترط بالقدرة على الغير كي يحتاج في الجواز إلى احراز شرطه كما لا يخفى على المتأمل فتخلص مما ذكر ان المدار في جواز النوم على احتمال الانتباه احتمالا يعتد به بحيث يخرجه عن كونه ملحقا بالترك الاختياري كما نبه عليه صاحب المسالك في عبارته المتقدمة تنبيه قال شيخ المرتضى (ره) بعد ان فرغ من الكلام في وجوب القضاء بالنوم الثاني ما لفظه ثم إن النوم الثالث والرابع في حكم الثاني في وجوب القضاء لا يهدم العدد بتجديد الجنابة بعد النومة الأولى كما هو واضح وانما الكلام في ثبوت الكفارة بالنوم الثالث فان ظاهر المشهور ثبوتها بل عن الغنية والوسيلة والخلاف دعوى الاجماع عليه الا انه لا دليل عليه كما اعترض في الروضة وغيرها عدى ما استدل الشيخ من رواية المروزي و مرسلة عبد الحميد ورواية أبي بصير المتقدمة في مسألة تعمد البقاء على الجنابة ولا يخفى اختصاص الثالثة بمن تركه متعمدا و الأوليين وان كانتا مطلقتين في النوم الا ان التمسك باطلاقها وارتكاب خروج الأولى والثانية ليس بأولى من تقييدهما بالنوم معرضا عن الغسل وإن كان في النومة
(١٨٧)