العمدية بلحاظ تعمده في الاخراج إلى الظاهر الذي يتم به سببيته للجنابة ولكن لا دليل على أن مطلق الجنابة التي يصح اتصافها بالعمد ولو بهذا الاعتبار موجبة للبطلان إذ الأخبار الدالة عليه وردت في الملاعبة والتقبيل والجماع ونحوها فلا تتناول مثل الفرض وكلمات الأصحاب أيضا غير شاملة له فإنهم وان أطلقوا في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكية القول بأن الجنابة العمدية مفسدة للصوم ولكن المتبادر من اطلاقها كونها من أصلها عن عمد كموارد الاخبار لا مثل الفرض نعم لو كان حصولها في الوقت الذي يجب الامساك عنه اختياريا بأن احتلم مثلا في الليل في زمان يسع للغسل و لكن امسك مائه اختيارا ثم أنزله في اليوم اندرج في موضوع كلماتهم إذ لا فرق حينئذ بينه وبين ما لو حصل ذلك بسبب اختياري كما لو استمنى في الليل وانزل في اليوم في كونه لدى العرف من المصاديق الواضحة للجنابة العمدية التي يمكن دعوى استفادتها من الاخبار الباب بالفحوى وعدم القول بالفصل بخلاف مسألة الاستبراء التي لا يلتفت الذهن أصلا إلى اسراء حكم الجنابة العمدية إليها ولذا لا يخطر بذهن المحتلم حين انتباهه من النوم الاستمساك لدى قدرته عليه ولا الامتناع من الاستبراء قبل الاغتسال ولو مع علمه ببقاء شئ من المني في المجرى كما لا يخفى على من لاحظ ما استقر عليه سيرة المتشرعة ثم إنه لو قلنا بمفطرية الاستبراء لدى العلم ببقاء المني فليس مشقة الصبر عليه إلى الغروب أو تضرره به موجبا لرفع هذا الحكم كما هو الشان فيما لو تضرر بالامساك عن الجماع أو غيره من المفطرات والحقنة بالجامد جائزة على المشهور كما نسب إليهم خلافا لما عن المصنف في المعتبر من القول بحرمته تعبدا وقواه في المدارك وعن العلامة في المختلف القول بأنه مفسد للصوم وعن الصدوق اطلاق القول بأنه لا يجوز للصائم الاحتقان وعن المفيد انه اطلق القول بأنه مفسد وعن السيد في جملة انه حكى عن قوم من أصحابنا وجوب القضاء والكفارة بالحقنة وعن آخرين القضاء خاصة من غير تفصيل وعن ابن الجنيد أنه قال يستحب للصائم الامتناع من الحقنة لأنها تصل إلى الجوف ولكن لا يبعد أن يكون مراد من اطلق اسم الاحتقان هو الاحتقان بالمايع إذ لا يطلق عرفا على استد خال الجامد اسم الحقنة كما صرح به في المسالك وكيف كان فيدل على نفى الباس عن الحقنة بالجامد مضافا إلى الأصل وحصر ما يضر الصائم في غيره في الصحيح خصوص صحيحة علي بن جعفر انه سئل أخاه عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما ان يستدخلا الدواء وهما صائمان فقال لا بأس وموثقة الحسن بن فضال المروية عن الكافي عن أبيه قال كتبت إلى أبى الحسن عليه السلام ما تقول في اللطف يستدخله الانسان وهو صائم فكتب عليه السلام لا بأس بالجامد وعن الشيخ باسناده مثله إلا أنه قال في التلطف من الأشياف وبهذه الموثقة يقيد اطلاق الصحيحة الأولى لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها إلى الجامد ولا يعارضها صحيحة البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام انه سئله عن الرجل يحتقن يكون به العلة في شهر رمضان فقال الصائم لا يجوز له ان يحتقن لما تقدمت الإشارة إليه من أن الاحتقان لا يطلق عرفا على استد خال الجامد ولو سلم صدق اسمه عليه عرفا وعدم انصرافه عنه وجب تقييده بالموثقة التي هي حجة كافية كما تقرر في محله وبالمايع محرمة كما يدل عليه الصحيحة المزبورة ومفهوم القيد الوارد في الموثقة ويؤيده أيضا ما عن الرضوي قال لا يجوز للصائم ان يقطر في اذنه شيئا ولا يسعط ولا يحتقن ويفسد بها الصوم على تردد ينشأ من امكان حمل الاخبار المزبورة على إرادة محض التكليف فيشكل حينئذ رفع اليد بها عما يقتضيه الأصل والصحيحة الحاصرة لما يضر بالصائم وغيره ومن هنا قوى في المدارك وفاقا لما حكاه عن الشيخ في جملة من كتبه وابن إدريس والمصنف (ره) في المعتبر القول بحرمته تعبدا ولكن مع ذلك القول بالافساد أقوى إذ المتبادر من النهى في مثل هذه الموارد إرادة الحكم الوضعي لا محض التكليف بل في الجواهر الأقوى ان لم ينعقد اجماع كما حكاه في المختلف من السيد وجوب الكفارة به أيضا لاندراجه فيمن افطر متعمدا اللهم الا ان يدعى انسباق غيره منها وفيه بحث أقول دعوى الانسباق في محلها بل لا يقال عرفا على من أفسد صومه بغير الأكل والشرب بل الاحتقان أو الجماع ونحوه أو بالرياء وقصد غيره انه افطر بل يقال أفسد أو أبطل اللهم الا ان يدعى ظهوره فخصوص المقام أي في مثل قوله من افطر في شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة كما في مكاتبة المشرقي في إرادة الأعم لمناسبته للحكم ولكنه لا يخلو عن تأمل خصوصا بعد وقوعه جوابا عن السؤال عن رجل افطر من شهر رمضان أياما كما لا يخفى فالقول بعدم الكفارة على تقدير عدم كونه اجماعيا أيضا أشبه بالقواعد والله العالم وهنا مسئلتان الأولى كلما ذكرنا انه يفسد الصيام عدى البقاء على الجنابة الذي تقدم بعض الكلام فيه وسيأتي تمامه عند التعرض لحكمه حال الجهل أو النسيان إنما يفسده إذا وقع عمدا بأن يكون مختارا في فعليه وذاكرا لصومه سواء كان عالما بكونه مفطرا أو جاهلا على الأظهر سواء كان عن تقصير أو قصور كما هو ظاهر المتن وغيره بل في المدارك نسبة القول بعدم الفرق بين الجاهل والعالم إلى الأكثر فقال بعد ان نفى الريب عن فساد صوم العامد العالم بذلك ما لفظه وانما الخلاف في الجاهل فذهب الأكثر إلى فساد صومه كالعالم وقال ابن إدريس لو جامع أو افطر جاهلا بالتحريم فلا يجب عليه شئ ونحوه قال الشيخ في موضع من التهذيب واطلاق كلامهما يقتضى سقوط القضاء والكفارة واحتمله في المنتهى الحاقا للجاهل بالناسي وقال المصنف (ره) في المعتبر والذي يقوى عندي فساد صومه ووجوب القضاء دون الكفارة والى هذا القول ذهب أكثر المتأخرين وهو المعتمد انتهى ما في المدارك وفي الجواهر ذكر التفصيل بين الجاهل المقصر في السؤال فيجب عليه القضاء والكفارة وبين غير المقصر لعدم تنبهه فلا يجب عليه الكفارة خاصة وقال اختاره بعض مشايخنا قولا رابعا ثم رجح في ذيل كلامه هذا القول واختار شيخنا المرتضى (ره) هذا التفصيل ولكن لم يوجب على القاصر لا القضاء ولا الكفارة فهو قول خامس في المسألة أقول ما نسبه في المدارك إلى الأكثر من كون الجاهل بالحكم كالعالم ربما نسبه غيره إلى المشهور واستظهر منهم القول بوجوب القضاء والكفارة وفي الاستظهار نظر إذ لا يظهر مما نسب إليهم الالتزام بمساوات الجاهل للعالم مطلقا بل في فساد صومه فلا يظهر من ذلك التزامهم بالكفارة وكيف كان فمستند القول بالفساد اطلاق ما دل على اعتبار الامساك عن الأشياء المزبورة في ماهية الصوم بل لا معنى للصوم الا الامساك عن تلك الأشياء فيمتنع تحقق مفهومه بدونه وتحققه
(١٨٩)