مما لا يعرف حلاله من حرامه واما من هذه الجهة فله المهنا ووزره على الاخر كما يناسبه التعليل ضرورة ان الله تعالى رضى من المال الذي اكتسبه بالخمس لا من مال الغير الذي استولى عليه عدوانا فعلى هذا التقدير يمكن تطبيق ما في الخبر على القواعد بتنزيله على الغالب من عدم إصابة مال ذلك الشخص كله إليه و احتمال كون ما وصل إليه من حلاله ولو بعيدا كما هو الشان فيما يؤخذ من السارق والعامل ويحتمل وروده فيما كان حلاله وحرامه باعتبار اشتماله عليه الربا ونحوه مما ورد في كثير من الاخبار العفو عنه في مثل الفرض كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال اتى رجل أبى فقال إني ورثت ما لا وقد علمت أن صاحبه الذي ورثته منه قد كان يربى وقد اعرف ان فيه ربا واستيقن ذلك وليس يطيب لي حلاله لحال علمي به وقد سئلت فقهاء أهل العراق وأهل الحجاز فقالوا لا يحل لك اكله فقال أبو جعفر عليه السلام ان كنت تعلم بان فيه مالا معروفا ربا وتعرف أهله فخذ رأس مالك ورد ما سوى ذلك وان كان مختلطا فكله هنيئا فان المال مالك واجتنب ما كان صاحبه يصنع الحديث إلى غير ذلك من الاخبار التي سنشير إلى بعضها هذا مع امكان ان يكون الحكم في الواقع فيما يؤخذ من مثل العامل والسارق اباحته للاخذ ما لم يعلم حرمته بالتفصيل وان علم اجمالا بعدم خلوصه من حرام لم يتميز عينه ولا يعرف صاحبه وصيرورته مضمونا على خصوص الغاصب الذي صيره ممتنع الايصال إلى صاحبه كما سيأتي الإشارة إلى كونه قولا في المسألة الا ان الالتزام به لأجل مخالفته للقواعد لا يخلو عن اشكال وان كان قد يعضده بعض الأخبار الواردة في الربا وغيره والحاصل ان استفادة المدعى من هذه الرواية من حيث هي مع قيام هذا الاحتمال لا تخلو عن اشكال ومنها ما عن الفقيه مرسلا قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه افلى توبة قال ايتني بخمسه فاتاه بخمسه فقال هولك ان الرجل إذا تاب تاب ماله معه وفيه انه لا دلالة فيه على أن ما اخذه منه من الخمس من حيث اختلاطه بالحرام بل ظاهر ذيله ان توبته سبب حلية ماله لا تخميسه فيحتمل وروده فيمن لم يكن محترزا في معاملاته عن مثل الربا كما ورد في عدة من الاخبار زوال اثره بالتوبة كرواية أبى المعزا عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل ربا اكله الناس بجهالة ثم تابوا فإنه يقبل منهم التوبة وقال لو أن رجلا ورث من أبيه مالا وقد عرف ان في ذلك المال ربا ولكن قد اختلط في التجارة بغيره حلالا كان حلالا طيبا فليأكله وان عرف منه شيئا انه ربا فليأخذ رأس ماله وليرد الربا وأيما رجل أفاد مالا كثيرا قد أكثر فيه من الربا فجهل ذلك ثم عرفه بعد فأراد ان ينزعه فما مضى فله ويدعه فيما يستأنف وعن الحلبي في الصحيح نحوه إلى قوله فليأخذ رأس ماله وصحيحة محمد بن مسلم قال دخل رجل على أبى جعفر عليه السلام من أهل خراسان قد عمل الربا حتى كثر ماله ثم سئل الفقهاء فقالوا ليس يقبل منك شئ الا ان ترده على أصحابه فجاء إلى أبى جعفر عليه السلام فقص عليه قصته فقال أبو جعفر عليه السلام مخرجك من كتاب الله فمن جائه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله والموعظة التوبة إلى غير ذلك من الروايات التي ورد فيها تفسير الموعظة الواقعة في اية الربا بالتوبة وهذه الروايات وان لا يخلو الالتزام بمفادها عن اشكال كما يأتي تحقيقه في محله الا ان الخبر المزبور أيضا بظاهره ليس الا كإحدى هذه الروايات فلا يفهم منه ان ما اخذه منه من الخمس لم يكن الا لأجل اجتماع ماله من الحرام والحلال بل قضيته تعليل حليته بالتوبة خلافه فليتأمل ومنها خبر السكوني الذي رواه المشايخ الثلاثة مسندا والمفيد في المقنعة مرسلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال اتى رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال إني اكتسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما وقد أردت التوبة ولا ادرى الحلال منه والحرام وقد اختلط على فقال أمير المؤمنين عليه السلام تصدق بخمس مالك فان الله رضى من الأشياء بالخمس وسائر المال لك حلا ونوقش فيه بما أشار إليه والى جوابه شيخنا المرتضى (ره) بعد ان ادعى ثبوت الحقيقة الشرعية أو المتشرعة للخمس في عصر الصادق عليه السلام بقوله نعم الظاهر من الرواية الثالثة يعنى الخبر المزبور إرادة المعنى اللغوي سيما بملاحظة الامر بالتصدق به فان الصدقة وان اطلق في كثير من الاخبار على الخمس كما قيل الا ان ظهوره في غيره أقوى من ظهور لفظ الخمس في المعنى المعهود بل امره بالتصدق من دون طلب نصفه المختص قرينة على عدم إرادة الحق الخاص واحتمال اذنه في صرف حقه المختص إلى شركائه مدفوع مضافا إلى ظهور الكلام في الفتوى دون الاذن بان التعليل ظاهر في كون الحكم من باب الفتوى لا الاذن لخصوص السائل الا ان ذلك كله مندفع بظهور قوله عليه السلام في ذيل الرواية فان الله قد رضى من الأشياء بالخمس ومن المعلوم ان خمسا آخر غير الخمس المصطلح لم يعهد من الشارع في شئ فضلا عن الأشياء انتهى أقول في اندفاع ذلك كله بما ذكره نظر خصوصا مع معهودية الصدقة اجمالا في الشريعة فيما لا يعرف صاحبه فان الخمس المصطلح ليس مفهوما مباينا لمفهوم الخمس فالمقصود بذيل الخبر الإشارة إلى أن الخمس المعهود أيضا كالصدقة مندرج تحت هذه الكلية و هي ان الله تعالى رضى من عباده فيما سلطهم عليه من ماله بدفع خمسه على حسب ما امرهم به في موارده ففي سائر الموارد امرهم بصرفه إلى السادة وفي هذا المورد إلى الفقراء بمقتضى ظاهرا العتدر فلا منافاة نعم لا يبعد ان يقال إن ظهور سائر الأخبار خصوصا خبر ابن مروان في بالخمس المعهود أقوى من ظهور هذه الرواية في الصدقة المشهورة فيحمل هذه الرواية أيضا عليه بعد العلم بوحدة التكليف لو لم نقل بان التخيير أولى منه في مقام الجمع كما سيأتي التنبيه عليه عند التكلم فيما يقتضيه الجمع بين شتات الاخبار وارجاع بعضها إلى بعض فليتأمل ومنها ما عن المفيد في الزيادات انه ارسل عن الصادق عليه السلام عن رجل اكتسب مالا من حلال وحرام ثم أراد التوبة من ذلك ولم يتميز له الحلال بعينه من الحرام فقال يخرج منه الخمس وقد طاب ان الله طهر الأموال بالخمس وهذه الرواية لا قصور في دلالتها فان ظاهرها إرادة الخمس المعروف وانه هو السبب لطهارته ولكنها ضعيفة السند بالارسال ويؤكد ومنها عدم التزام المفيد (ره) بمضمونها حيث نسب إليه انه لم يوجب هذا الخمس فعمدة ما يصح الاستناد إليه لا ثبات الخمس في المال المختلط بالحرام من حيث كونه كذلك هو خبر عمار بن مروان وهو كالصريح في إرادة أخمس المعروف ولكنه رواه في المستند عن الخصال بسنده إلى ابن أبي عمر ثم قال بعد ذكر اخبار الباب لفظه أقول أما الخمس بالمعنى المعهود فالظاهر عدم ثبوته فيه لان الأصل ينفيه والروايات المذكورة غير ناهضة لا ثباته اما رواية الخصال فلان الرواية على النحو المذكور انما هو ما نقله عنه بعض المتأخرين وقال بعض مشايخنا المحققين وذكر الصدوق في الخصال في باب ما يجب فيه الخمس رواية كالصحيحة إلى ابن أبي عمير عن غير واحد عن الصادق عليه السلام قال الخمس على خمسة أشياء على الكنوز والمعادن والغوص والغنيمة و
(١٣٥)