الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري - الصفحة ٢١٤
الكلام والتفرقة بين المعنيين، ويجوز أن يقال إن الفرق بين الخدع والكيد أن الكيد اسم لفعل المكروه بالغير قهرا تقول كايدني فلان أي ضرني قهرا، والخديعة اسم لفعل المكروه بالغير من غير قهر بل بأن يريد بأنه ينفعه، ومنه الخديعة في المعاملة وسمى الله تعالى قصد أصحاب الفيل مكة كيدا في قوله تعالى " ألم يجعل كيدهم في تضليل " (1) وذلك أنه كان على وجه القهر.
837 الفرق بين الخدمة والطاعة: أن الخادم هو الذي يطوف على الانسان متحققا في حوائجه ولهذا لا يجوز أن يقال إن العبد يخدم الله تعالى، وأصل الكلمة الاطافة بالشئ ومنه سمي الخلخال خدمة ثم كثر ذلك حتى سمي الاشتغال بما يصلح به شأن المخدوم خدمة وليس ذلك من الطاعة والعبادة في شئ ألا ترى أنه يقال فلان يخدم المسجد إذا كان يتعهده بتنظيف وغيره، وأما الحفد فهو السرعة في الطاعة ومنه قوله تعالى " بنين وحفدة " (2) وقولنا في القنوت وإليك نسعى ونحفد.
838 الفرق بين الخرص والكذب: أن الخرص هو الحزر وليس من الكذب في شئ والخرص ما يحزر من الشئ يقال كم خرص نخلك أي كم يجئ من ثمرته وإنما أستعمل الخرص في موضع الكذب لان الخرص يجري على غير تحقيق فشبه بالكذب وأستعمل في موضعه، وأما التكذيب فالتصميم على أن الخبر كذب بالقطع عليه ونقيضه التصديق ولا تطلق صفة المكذب إلا لمن كذب بالحق لأنها صفة ذم ولكن إذا قيدت فقيل مكذب بالباطل كان ذلك مستقيما وإنما صار المكذب صفة ذم وإن

(١) الفيل ١٠٥: 2. (2) النحل 16: 72.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست