الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري - الصفحة ٢١٨
تقول خفت زيدا كما قال تعالى " يخافون ربهم من فوقهم " (1) وتقول خفت المرض كما قال سبحانه " ويخافون سوء الحساب " (2) والخشية تتعلق بمنزل المكروه ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية ولهذا قال " ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " (3) فإن قيل أليس قد قال " إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل " (4) قلنا إنه خشي القول المؤدي إلى الفرقة والمؤدي إلى الشئ بمنزلة من يفعله وقال بعض العلماء يقال خشيت زيدا ولا يقال خشيت ذهاب زيد فإن قيل ذلك فليس على الأصل ولكن على وضع الخشية مكان الخوف، وقد يوضع الشئ مكان الشئ إذا قرب منه.
850 الفرق بين الخوف والخشية (5): ذكر المحقق الطوسي في بعض مؤلفاته ما حاصله: أن الخوف والخشية وإن كانا في اللغة بمعنى واحد إلا أن بين خوف الله وخشيته وفي عرف أرباب القلوب فرقا وهو أن [15 / ب] الخوف تألم النفس من العقاب المتوقع بسبب ارتكاب المنهيات، والتقصير في الطاعات. وهو يحصل لأكثر الخلق وإن كانت مراتبه متفاوتة جدا، والمرتبة العليا منه لا تحصل إلا للقليل.
والخشية: حالة تحصل عند الشعور بعظمة الخالق وهيبته وخوف الحجب عنه، وهذه حالة لا تحصل إلا لمن اطلع على حال الكبرياء وذاق لذة القرب، ولذا قال تعالى: " إنما يخشى الله من عباده العلماء " (6).

(١) النحل ١٦: ٥٠. (٢) الرعد ١٣: ٢١.
(٣) الرعد ١٣: 21. (4) طه 20: 94.
(5) الخوف والخشية. في الكليات 2: 301 - 302. والمفردات (الخوف 209، والخشية 213).
- والتعريفات (الخوف 107، والخشية 294). والفرائد: 85. (6) فاطر 35
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست