مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤١٢
استحقاقهم استيفاء ديونهم ما لم يخلف الميت ما يزيد عن كفنه فلا يبقى لهم حق في مورد المزاحمة كي ينافي استحقاقه للكفن فما عن الذكرى من تقديم حق المرتهن بخلاف غرماء المفلس ضعيف وعن المحقق والشهيد الثانيين التردد في تقدمه على حق المرتهن والمجني عليه من اطلاق النص والفتوى ومن اقتضاء الرهن والجناية الاختصاص ثم احتملا الفرق بين الجناية والرهن بان الدين في الرهن يتعلق بالقيمة ولا يستقل الاخذ بالاخذ بخلاف الجناية واحتمل أولهما الفرق بين الجنابة عمدا وخطا ثم قال والمسألة موضع تردد وان كنت لا استبعد تقديم الكفن في المرتهن انتهى أقول اما ترددهما في تقدمه على حق المرتهن فقد عرفت إلى غير محله حيث إن ما دل على تقدم الكفن على الدين وارد على ما يقتضيه الرهن من الاختصاص واما ترددهما في تقدمه على حق المجني عليه ففي محله خصوصا في الجناية العمدية التي يكون الخيار للمجني عليه فان ما يستحقه المجني عليه في الحقيقة ليس دينا على المولى كي يندرج في موضوع النصوص والفتاوى المتقدمة بل هو حق متعلق برقبة العبد له استرقاقه في العمد وللمولى فكه في الخطاء فما أشبهه بالمبيع بالبيع الخياري فإنه وان لم نقل بخروجه من الملك بالجناية الا انه قريب من ذلك لأجل صيرورته متعلقا لحق الغير لكنه مع ذلك قد يقوى في النظر تقدمه على هذا الحق أيضا وان كانت الجناية عمدية فضلا عن غيرها نظرا إلى بقائه في ملك المولى ما لم يسترقه المجني عليه فيندرج في موضوع ما تركه الميت ولا يبعد دعوى ظهور قوله (ع) في رواية السكوني أول شئ يبدء به من المال الكفن ثم الدين في أحقية الميت بما تركه بمقدار كفنه من ساير الناس ولا يزاحمه شئ من حقوق غيره وتخصيص الدين بالذكر لكونه اظهر افراد الحقوق فتأمل هذا كله فيما لو كانت الجناية قبل موت المولى ولو حدثت بعده فقد حكى عن الروض القطع بتقديم الكفن عليه تبعا لجامع المقاصد ولعله لسبق استحقاق الميت له وهذا أيضا لا يخلو عن من تأمل والله العالم * (ثم) * ان صريح بعضهم في فتاويهم بل في بعض معاقد اجماعاتهم المحكية تخصيص الحكم بالكفن الواجب دون المندوب وبه صرح المصنف في محكى المعتبر قال لو كان هناك دين مستوعب منع من المندوب وان كنا لا نبيع ثياب التحمل للمفلس لحاجته إلى التجمل بخلاف الميت فإنه أحوج إلى براءة ذمته ولو أوصى بالندب فهو من الثلث الا مع الإجازة انتهى وفى طهارة شيخنا المرتضى ره بعد اختياره ذلك قال ولافرق بين تعلق الندبية بموجود مستقل كالقطع المندوبة أم تعلقت بخصوصية من خصوصيات الكفن الواجب كاجادة الكفن وكون الإزار الواجب بردا ونحوهما والتأمل في القسم الثاني بناء على أن المندوب أحد افراد القدر المشترك الواجب فللولي المخاطب بالمباشرة اختياره مدفوع بان الكلام ليس في اختيار الولي بل الكلام في المتعلق بالتركة فإذا فرض ان المتعلق بها هو القدر المشترك فلا تسلط للولي على مزاحمة الوارث بعد بذل الوارث القدر المشترك انتهى وفيه ان تقدم حتى الميت وأحقيته بكفنه من ساير الناس بمنعهم من مزاحمة الولي فيما يختاره ما لم يكن خارجا من المتعارف اللايق بحال الميت كما تقدم الكلام فيه مفصلا فان اطلاقات أدلة التكفين مع ما فيها من الأجزاء المستحبة فضلا عن واجباتها على الاطلاق حاكمة بل واردة على ما دل على استحقاق الورثة وغيرهم انصبائهم فكما انه ليس مزاحمة الولي في أصل التكفين ليس لهم مزاحمته فيما يقتضيه اطلاق أدلة الكفن نعم لا يتمشى ذلك فيما أثبتا استحبابه بالمسامحة كما هو ظاهر لكنك عرفت فيما سبق ان الأحوط اقتصار الولي في امتثال المطلق عند قصور الورثة أو مزاحمتهم على أقل ما به يتحقق المسمى ما لم يوجب استحقار الميت ومهانته وأولى بمراعاة الاحتياط هو الاقتصار عليه عند مزاحمة حق الديانين للوجه الاعتباري الذي تقدم نقله من المعتبر والله العالم فإن لم يكن له كفن أي تركه بقدر ان يؤخذ كفنه منها ولم يتبرع بذلك متبرع مثلا دفن عريانا ولا يجب على المسلمين بذل الكفن بلا خلاف فيه بين العلماء كما في المدارك ومحكى الذخيرة والنهاية بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه للأصل السالم من دليل حاكم عليه وما يقال من أن مقتضى اطلاقات وجوب التكفين وجوب مقدماته التي من جملتها بذل الكفن مدفوع أولا بعدم العثور فيما بأيدينا من الأدلة على دليل مطلق مسوق لبيان وجوبه على عامة المكلفين كي يقال إن ايجابه مطلقا يقتضى ايجاب مالا يتم الا به ولو من المقدمات الموقوفة على بذل المال بل غاية ما هو الموجود في المقام مثل * (قوله) * الكفن فريضة للرجال ثلاثة أثواب المعلوم عدم وروده الا لبيان حكم اخر وثانيا لو سلم وجوده فلا يراد منه الا وجوب نفس العمل كفاية على عامة المكلفين أعني ستر الميت في كفنه المأخوذ من ماله أو من الزوج وغيره لا وجوب بذل الكفن كما تدل عليه الأدلة المتقدمة الواردة لبيان ماخذ الكفن فان وجوب اتخاذ من ماله أو من الزوج عينا ينافي وجوب بذله كفاية على عامة الناس كي يراد بالمطلقات وتوهم ان قضية اطلاق الامر بالتكفين وجوبه كفاية عند تعذر اتخاذه من ماله أو من الزوج ونحوه إذ لا منافاة بين ايجاب شئ مطلقا على مكلف وايجاب بعض مقدماته الوجودية على مكلف آخر فان وفى ذلك المكلف الاخر بما هو تكليفه فهو والا فعلى من وجب عليه مطلقا تحصيل المقدمات بمقتضى اطلاق الطلب مدفوع بان تعيين مأخذ الكفن مع غلبة امكان اخذه من ذلك المأخذ المعين يمنع المطلقات من الظهور في إرادة ما يعم صورة تعذر الاخذ بل يصرفها إلى إرادة ستره في كفنه الذي عينه الشارع بل وكذا أدلة نفى الضرر أيضا حاكمة على تلك المطلقات ومقيدة لها بما إذا كان له من ماله أو مما هو بحكمه كفن وكذلك الكلام في ساير مؤن تجهيز الميت فلا يجب شئ منها كفاية على المسلمين لعين ما عرفت بل يستحب لهم بذل الكفن وغيره كما يدل عليه ما في الرواية الآتية من أن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»