مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٨١
متمايزة بعضها عن بعض كما أنه يشترط ان لا يكون اضافته على وجه يخرج الماء به من صفة الاطلاق كي لا يطلق عليه انه ماء فيه شئ من السدر أو ينصرف عنه على تقدير الصدق وثانيها بماء فيه شئ من الكافور على وجه يطلق عليه عرفا اسم ماء الكافور وثالثها بالماء القراح واما ما عدا ما عرفت من الأمور التي تضمنها الاخبار مثل غسل اليدين وتثليث الغسلات ونحوها فهي من السنن والآداب بلا شك وارتياب فإنك إذا تأملت في الاخبار على تظافرها وتكاثرها لوجدت ما وصفناه أولا بمنزلة القطب الذي يدور مداره الاخبار المتشتة على اختلافها فيفهم من ذلك عدم كون ما عداها مما اختلف فيه الاخبار من حيث التعرض والعدم مع كون الجميع واردا في مقام البيان من الأركان بحيث يكون تركها مفسدا للغسل بل هو من السنن والآداب كمالا ينافيه سياق جل تلك الأخبار المشعرة بعدم إرادة بيان خصوص الأجزاء الواجبة ولولا موافقة جميع ما استفدناه من الاخبار لما عليه جل الأصحاب بل كلهم عدا من شذ ونذر لأطنبت الكلام في اثبات كل فقرة فقرة مفضلا لكن اعتضاده بفهمهم اغنانا عن ذلك فما حكى عن سلار من الاكتفاء بغسل واحد محتجا بالأصل وبما يفهم من المعتبرة المستفيضة الواردة في الميت الجنب من أنه يكفيه غسل واحد ضعيف فان الأصل منقطع بالدليل والمراد بالوحدة في هذه الأخبار في مقابل التعدد الناشئ من انضمام غسل الجنابة لا في مقابل تعدد الأغسال المعتبرة في غسل الميت التي هي بأسرها بمنزلة غسل واحد كما لا يخفى واضعف منه ما عن ظاهر ابن حمزة من عدم وجوب الترتيب بين الأغسال الثلاثة فإنه كما ترى وربما استظهر منه القول باستحباب الخليطين لا عدم الترتيب على تقدير وجودهما وعن ابن سعيد أيضا موافقته في الاستحباب ولا يخفى ما فيه ويتلوه في الضعف ما حكاه المصنف عن بعض في تحديد أقل ما يلقى في الماء من السدر بسبع ورقات واستدل له برواية معاوية بن عمار قال امرني أبو عبد الله (ع) ان اعصر بطنه ثم أوضيه بالأشنان ثم اغسل رأسه بالسدر ولحيته ثم أفيض على جسده منه ثم ادلك به جسده ثم أفيض عليه ثلثا ثم اغسله بالماء القراح ثم أفيض عليه بالماء بالكافور و بالماء القراح واطرح فيه سبع ورقات سدر * (وفيه) * مالا يخفى مع ما في مستنده من التشويش وقصور الدلالة حيث إن المأمور به انما هو طرح سبع ورقات من السدر في الماء القراح الذي يغسل به أخيرا كما يدل عليه أيضا خبر عبد الله بن عبيد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الميت قال يطرح عليه خرقة ثم يغسل فرجه ثم يوضأ وضوء الصلاة ثم يغسل برأسه بالسدر والأشنان ثم الماء والكافور ثم بالماء القراح يطرح فيه سبع ورقات صحاح من ورق السدر وهو كما ترى أجنبي عن المدعى أضعف من ذلك ما عن المفيد من تحديد السدر برطل وعن ابن البراج برطل ونصف إذ لم يصل الينا من الروايات ما يشعر برجحان شئ من الحدين فضلا عن وجوبه كما يقتضيه ظاهر التحديد وحكى عن المفيد أيضا تحديد الكافور بنصف مثقال وكذا ابن سعيد لكنك عرفت ان ابن سعيد على ما حكى عنه لا يقول بالوجوب * (وكيف) * كان فهو ضعيف ان أريد به الوجوب الاطلاق أغلب النصوص والفتاوى المقتضى لكفاية المسمى نعم في موثقة عمار المتقدمة وتجعل في الجرة من الكافور نصف حبة لكن لم يعلم أن المراد من الحبة المثقال كي تصلح مستندة لهذا القول وفي رواية يونس المتقدمة والق فيه حبات كافور * (وفي) * خبر مغيرة ان أمير المؤمنين (ع) غسل رسول الله صلى الله عليه وآله بالسدر ثم بثلاثة مثاقيل من الكافور فلا يبعد ان يكون ما في الرواية الأولى أي نصف حبة أقل ما يتحقق به المسمى وما زاد عليه فهو من الفضل وكيف كان فالمدار على ما عرفت من عدم كونه من القلة بحيث يستهلك ولا من الكثرة بحيث يخرج الماء من صفة الاطلاق ثم إنه حكى عن جماعة من القدماء انه يؤخذ من حلال الكافور بل ربما حكى عن أكثر القدماء ذلك والمراد به كما قيل الخام الذي لم يطبخ وارسل عن أبي على ولد الشيخ ان الكافور صمغ يقع من شجر وكلما كان جلالا وهو الكبار من قطعة لا حاجة له إلى النار ويقال له الخام وما يقع من صغاره في التراب فيؤخذ فيطرح في قدر ويغلى وذلك لا يجزى في الحنوط انتهى قيل ولعل منشأ ذلك ما يقال إن مطبوخة يطبخ بلبن الخنزير ليشتد بياضه به أو بالطبخ وربما يحصل له العلم العادي بالنجاسة من حيث إن الطابخ من الكفار لكن ظاهر الاخبار اجزاء المطبوخ ووجهه عدم حصول اليقين بالنجاسة ولذا ما فصل المتأخرون وربما حكم باستحباب الخام ولعل وجهه الخروج من الخلاف وشبهة النجاسة انتهى ثم إن الماء القراح هو الخالص المغير المشوب ومن هنا ربما ظن عدم جواز التغسيل بماء السيل ونحوه مما مازجه شئ من الطين ونحوه * (وفيه) * مالا يخفى فان المتبادر منه في المقام بقرينة المقابلة بماء السدر والكافور وغيرها من القرائن ليس الا إرادة الخالص عن الخليطين كما يؤيده ما في بعض الأخبار من الامر بغسله الثالث بالماء مطلقا من دون توصيفه بالقراح والله العالم وهل خلوصه عن الخليطين رخصة أم عزيمة فيه وجهان بل قولان أحوطهما الثاني بل قد يؤيده الامر بغسل الإجانة واليدين من ماء السدر والكافور لكن في رواية معاوية بن عمار و عبد الله بن عبيد المتقدمتان الامر بطرح سبع ورقات صحاح من ورق السدر فيه ولعله لا ينافي ذلك فلا يبعد استحبابه والله العالم ثم انك قد عرفت ان ظاهر الاخبار وجوب الترتيب فيما بين اجزاء كل غسل كالأغسال وقضية الاشتراط مطلقا ولو في حال السهو والنسيان فلو أخل به ولو سهوا رجع إلى ما يحصل معه الترتيب فما عن التذكرة والنهاية من احتمال الاجزاء لو أخل بالترتيب ضعيف خصوصا لو أراد الأعم من الاخلال عمدا الأظهر عدم الاجتزاء بغسله ارتماسا لاطلاق الاخبار الامرة بالترتيب السالمة عن دليل حاكم عليه وعن جملة من المتأخرين القول بجواز الارتماس لقوله (ع) في صحيحة ابن مسلم انه مثل
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»