وفتاوى الأصحاب فالأحوط بل الأظهر غسله وتكفينه ودفنه كغيره من الأموات والله العالم وإذا لم يحضر الميت مسلم ولا كافر ولا محرم عن النساء دفن بغير غسل ولا تقربه الكافرة ولا المسلمة الأجنبية وكذا المرأة وروى أنهم يغسلون وجهها ويديها وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا فراجع و يجب إزالة النجاسة العارضة عن بدنه قبل الغسل بلا اشكال فيه في الجملة بل لا خلاف فيه ظاهرا كما عن غير واحد التصريح به بل عن الذكرة و النهاية والمفاتيح الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى ذلك جملة من الأخبار الواردة في كيفية غسل الميت التي سيأتي نقلها تفصيلا في محلها [انش] * (منها) * مرسلة يونس وفيها ثم اغسل يديه ثلث مرات كما يغسل الانسان من الجنابة إلى نصف الذراع ثم اغسل فرجه ونقه ثم اغسل رأسه بالرغوة إلى أن قال في كيفية غسله بماء الكافور وافعل به كما فعلت في المرة الأولى ابدء بيديه ثم بفرجه وامسح بطنه مسحا رقيقا فان خرج منه شئ فانقه ثم اغسل رأسه الحديث * (و) * خبر عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الميت فقال اقعده واغمز بطنه غمزا رقيقا ثم طهره من غمز البطن ثم تضجعه ثم تغسله الحديث * (وخبر) * معاوية بن عمار قال امرني عبد الله (ع) ان اعصر بطنه ثم أوضيه بالأشنان ثم اغسل رأسه بالسدر الحديث وفي خبر علاء بن سبابة الوارد فيمن قتل في معصية الله عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا قتل في معصية الله يغسل أولا منه الدم ثم يصب عليه الماء صبا الحديث * (وفي) * رواية الكافي ثم ابدء بفرجه بماء السدر والحرض ثلث غسلات الحديث لكن هذه الرواية ظاهرها ان الامر بغسل الفرج ثلثا قبل كل واحدة من الغسلات الثلث من باب التعبد فهي غير صالحة للاستدلال لكنها غير خالية عن التأييد واما الروايتان الأوليان وان كان ظاهرهما ذلك لكن يفهم منهما وجوب إزالة النجاسة كما هو صريح الرواية الثالثة * (و) * يدل عليه أيضا الأخبار المتقدمة في غسل الجنابة الدالة على وجوب إزالة النجاسة قبله بضميمة الأخبار المستفيضة الواردة في هذا الباب الدالة على أن غسل الميت مثل غسل الجنابة بل يفهم من جملة منها انه عينه لكنك عرفت في مبحث الجنابة ان الأظهر انما هو وجوب إزالة النجاسة عن كل عضو قبل غسل ذلك العضو لا قبل الشروع في الغسل مطلقا حتى يكون طهارة البدن قبل الشروع في الغسل شرطا تعبديا في صحة الغسل وما ورد في الاخبار مما يوهم ذلك كالأمر بغسل اليدين والفرج وما إصابة القذر من البدن قبل الغسل جار مجرى العادة لا يفهم منها أزيد من اشتراط طهارة المحل وعدم الاجتزاء بصبة واحدة للغسل وإزالة النجاسة ومقتضاه ليس الا وجوب تقديم الإزالة على غسل العضو لا على أصل الغسل وقضية كون هذا الغسل مثله أو عينه ليس الا ذلك والاخبار الخاصة الواردة في هذا الباب أيضا كالروايات المتقدمة لا يكاد يفهم منها أزيد من ذلك لكن ربما يتراءى في بادي النظر من كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية وجوب إزالة النجاسة عن بدن الميت أولا ثم الشروع في تغسيله فتكون [ح] واجبا تعبديا لا شرطيا لكن التأمل في كلماتهم في هذا الباب ككلماتهم في باب الجنابة يعطى عدم ظهورها الا في إرادة عدم الاجتزاء بصبة واحدة للغسل و الإزالة ووجوب تقديم الإزالة على الغسل في الجملة ولو في كل عضو بالنظر إلى نفس ذلك العضو لا مطلقا ويشهد لذلك استدلال بعضهم عليه كما عن المعتبر وغيره بان المراد تطهيره وهو لا يحصل الا بها وانه إذا وجب إزالة الحكمية فالعينية أولى ولئلا ينجس ماء الغسل بملاقاة النجس وأنت خبير بان مقتضى التعليل الأول والأخير هو الوجوب الشرطي ومقتضاه ما عرفت واما الثاني فمقتضاه الوجوب النفسي فلا يقتضى المقارنة أيضا فضلا عن وجوب التقدم فلذا يضعف الاستدلال به للمدعى كما أن الاستدلال بالأولين أيضا كذلك فان توقف الطهارة على سبق إزالة النجاسة كما هو مقتضى الدليل الأول أول الكلام إذ من الجايز ان يرتفع الحدث وعين النجاسة فضلا عن اثرها بصبة واحدة الا ان يثبت الاشتراط بدليل خارجي كما عرفت تحقيقه في مبحث الجنابة واما الدليل الثالث فمرجعه إلى دعوى التنافي بين الاجتزاء بصبة واحدة للغسل والإزالة لما دل على اشتراط الطهارة في ماء الغسل من النص والاجماع فمتى لاق الماء البدن النجس يتنجس فلا يفيده الطهارة عن الحدث * (وفيه) * ما عرفته في مبحث الغسالة من عدم شمول القاعدة المستفادة من النص والاجماع من أن النجس لا يكون مطهرا وانه يشترط الطهارة في الماء المستعمل في التطهير لما إذا كان انفعال الماء من اثر نفس الاستعمال وقد عرفت في مبحث غسل الجنابة ان عمدة المستند في اشتراط طهارة البدن انما هي الدليل التعبدي لا هذه القاعدة فالامر في المقام أوضح حيث إن نجاسة الماء حين الاستعمال لازمة البتة لملاقاته لبدن الميت فلا تكون نجاسته المكتسبة من الاستعمال في التطهير مانعة من حصول التطهير * (ودعوى) * ثبوت العفو عن خصوص هذه النجاسة اللازمة لمكان الضرورة دون النجاسة العارضة القابلة للإزالة ليست بأولى من دعوى تخصص القاعدة بالنسبة إلى النجاسة الحاصلة بالاستعمال لازمة كانت أم غير لازمة بل العكس أولى كما عرفته في مبحث الغسالة * (و) أضعف من الدليل المتقدم الاستدلال له بان كلا من الموت والنجاسة العارضة اثر في وجوب غسل البدن والأصل عدم تداخل مسببيهما * (وفيه) * أولا ان هذا الدليل لا يقتضى الا وجوب تكرير غسل البدن من دون فرق بين سبق الإزالة على الغسل أو تأخرها عنه فلا يثبت به المدعى وثانيا ان وجوب الإزالة توصلي لا يتوقف حصولها على القصد فلو غسل البدن بقصد غسل الميت تتحقق الإزالة جزما فيرتفع التكليف عنها لحصول الغرض كما أنه يرتفع التكليف عن الغسل أيضا لحصول الامتثال ولا بعقل بقاء التكليف به بعد الاتيان به بقصد الامتثال الا ان يكون صحة المنوي
(٣٧٦)