مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٢٧
في كل من الثوبين لأجل الاحتياط في الحرام فمتى صلى في أحد الثوبين لاحتمال وجوبه احتمل كونه في الواقع هو الفرد المحرم وان الواجب عليه ان يصلى في الثوب الاخر فيجب عليه الاتيان به ترجيحا لاحتمال الوجوب كما أنه وجب عليه الاتيان بالفرد الأول لذلك لا يقال إن مقتضى القاعدة في مثل المقام هو الاقتصار على الصلاة في ثوب واحد لأن الموافقة الاحتمالية في كلا التكليفين أولى بنظر العقل في مقام الإطاعة من الموافقة القطعية في أحدهما والمخالفة القطعية في الاخر لأنا نقول الموافقة الاحتمالية في كلا التكليفين يعارضها احتمال المخالفة في كليهما المستلزمة لفوت الأهم وحصول نقيضه فلا يستقل العقل بالأولوية بل يحكم بترجيح جانب الأهم و الحاصل ان كل فرد فرد في مسألة دوران الامر بين المحذورين بنظر العقل موضوع مستقل للحكم بالتخيير أو وجوب ترجيح الأهم وكون الاتيان بالفرد الثاني موجبا للقطع بحصول مخالفة في أحد الفردين لا يوجب توقف العقل عن حكمه بالنسبة إليه مع كونه لديه كالفرد الأول في كون احتمال حرمته معارضا باحتمال الوجوب الذي هو أحق بالرعاية على ما هو المفروض إذا عرفت ما ذكرنا فنقول اما الحرمة الذاتية فلم تثبت للصلاة مع النجس ومقتضى الأصل عدمها فلا يجوز رفع اليد عما تقتضيه قاعدة الاشتغال من تكرير الصلاة في الثوبين لاحتمال الحرمة الذاتية والأخبار الناهية عن الصلاة في النجس قاصرة عن اثباتها فان المتبادر منها إرادة المانعية من الصلاة لا الحرمة الذاتية على تقدير القول بها فمقتضى الأصل وان كان التخيير كما تقدمت الإشارة إليه لكن الحسنة المتقدمة واردة عليه ولو لم نقل بحجية الحسنة أيضا أمكن الالتزام بمفادها بدعوى ان وجودها مانع من استقلال العقل بالتخيير حيث يدور الامر بواسطتها بين التخيير أو تغليب جانب الوجوب فليتأمل ولتمام الكلام في ذلك وفى ان مقتضى الأصل الأولى في اشتباه الواجب بالحرام الناشئ من اشتباه الشرط بالمانع المحرم كما هو المفروض في المقام هو التخيير المقتضى لارتفاع الشرطية أو المانعية بالنسبة إلى الصلاة التي لا تسقط بحال مع أن الصلاة عاريا التي هي أحد طرفي التخيير معلوم بالتفصيل كونها فاقدة للشرط دون الصلاة في أحد الثوبين الذي يتحقق به الستر يقينا ويحتمل طهارته ولم يتنجز التكليف بالاجتناب عنه على تقدير النجاسة مقام اخر ولكن فيما أشرنا إليه في المقام غنى وكفاية لمن تدبر وفى الثياب الكثيرة التي بعضها طاهر وبعضها نجس ولم يعرف الطاهر منها بعينه ولم تكن الشبهة غير محصورة أو بعض أطرافها خارجا من مورد ابتلاء المكلف بحيث لم يكن للعلم الاجمالي بوجود النجس اثر في تنجيز الخطاب بالاجتناب عنه على التفصيل الذي عرفته في مسألة الإنائين الذين اشتبه طاهرهما بنجسهما أيضا كذلك يصلى في كل منها منفردا إلى أن يحصل له القطع بوقوع الصلاة في ثوب محكوم بطهارته ولو بحسب الظاهر بمقتضى أصالة الطهارة فلو علم اجمالا بنجاسة ثلاثة منها لا أزيد صلى اربع صلوات في أربعة منها منفردة فيعلم اجمالا بصحة احدى صلواته من غير فرق بين ما لو علم بانحصار النجس في الثلاثة التي علمها بالاجمال أو احتمل نجاسة ما عداها فان الزائد عن القدر المتيقن نجاسته محكوم شرعا بطهارته واما إذا كانت الشبهة غير محصورة أو كانت محصورة ولكن لم يكن بعض أطرافها على وجه يتنجز التكليف بالاجتناب عنه على تقدير حصول العلم بنجاسته تفصيلا بان كان خارجا من مورد ابتلاء المكلف أو كان واجب الاجتناب بسبب سابق على العلم بنجاسته أو غير ذلك من الأمور التي تقدمت الإشارة إليها في مبحث الإنائين أجزأته صلاة واحدة في بعض أطراف الشبهة لما عرفت في محله من سلامة أصالة الطهارة الجارية فيها في هذه الفروض عن المعارض وإذا كانت الشبهة محصورة جامعة لشرائط وجوب الاجتناب الا انه تعذر أو تعسر في حقه الاحتياط بتكرير الصلاة الموجب للقطع ببراءة الذمة بان يتضيق الوقت أو يخاف التخلف عن الرفقة في سفره أو غير ذلك من الاعذار المبيحة للمحظورات فقيل ينزع الثوبين ويصلى عريانا وهذا انما هو بعد البناء على عدم جواز الصلاة في الثوب النجس لدى الضرورة مع التمكن من الصلاة عاريا كما هو أحد القولين في المسألة وستعرف تحقيقهما انشاء والا فمشكوك النجاسة أولى بالجواز كما هو واضح واما على القول بالمنع فوجه الحاق المشتبه بالمتيقن انه لا يتمكن في الفرض من ايقاع صلاته في ثوب طاهر على وجه يقطع ببراءة ذمته فلا يتنجز عليه التكليف به ولكنه متمكن من ايقاع صلاته خالية عن المانع على وجه يقطع به فيجب عليه ذلك ويتوجه عليه ان تعذر تحصيل القطع بحصول الشرط لا يقتضى الغائه رأسا وانما يقتضى عدم وجوب الموافقة القطعية لا جواز المخالفة القطعية حتى تجوز الصلاة عريانا فمقتضى القاعدة وجوب الصلاة في الثوب المشتبه فرارا عن المخالفة القطعية لكن لما كان احتمال طهارته المقتضية للوجوب معارضا باحتمال نجاسته المقتضية للمنع يدور الامر بين المحذورين وقد أشرنا في الفرع السابق ان مقتضى الأصل في دوران الامر بين المحذورين هو التخيير ولكنه ان قلنا بوجوب رعاية الجزم في النية مهما أمكن كما هو المشهور تعين عليه الصلاة عريانا لأنه على تقدير اختياره هذا الطرف من التخيير جزم بخلوها عن المانع فيجب عليه ذلك تحصيلا لهذا الشرط فالقول بوجوب الصلاة عاريا لو لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط لكن بناء على المنع من الصلاة في النجس واما على القول بجواز الصلاة فيه وكون المكلف مخيرا في مقام الضرورة بين الصلاة في الثوب النجس والصلاة عريانا
(٦٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 622 623 624 625 626 627 628 629 630 631 632 ... » »»