تنزها عنه ان في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير وهذه الرواية مع صراحتها في عدم الحرمة تصلح قرينة بمدلولها اللفظي على صرف الاخبار الظاهرة في الحرمة أو النجاسة عن ظاهرها كصحيحة علي بن جعفر المتقدمة الدالة على جواز الوضوء للصلاة بالماء الذي باشره اليهودي أو النصراني لدى الضرورة ومنها صحيحة العيض بن القاسم انه سئل أبا عبد الله (ع) عن مؤاكلة اليهودي والنصراني فقال لا بأس إذا كان من طعامك وسئلته عن مؤاكلة المجوسي فقال إذا توضأ فلا بأس وصحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا (ع) الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة قال لا بأس تغسل يديها وهذه الصحيحة تدل على المدعى قولا وتقريرا ونحوها صحيحة الأخرى قال قلت للرضا (ع) الخياط أو القصار يكون يهوديا أو نصرانيا وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله قال لا بأس ورواية زكريا بن إبراهيم قال دخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت انى رجل من أهل الكتاب وانى أسلمت وبقى أهلي كلهم على النصرانية وانا معهم في بيت واحد لم أفارقهم فاكل من طعامهم فقال يأكلون لحم الخنزير قلت لا ولكنهم يشربون الخمر فقال لي كل معهم واشرب وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو إناء غيره إذا شرب على أنه يهودي قال نعم قلت فمن ذلك الماء الذي يشرب منه قال نعم ورواية أبي جميلة عن أبي عبد الله (ع) انه سئله عن ثوب المجوسي ألبسه واصلي فيه قال نعم قلت يشربون الخمر قال نعم نحن نشتري الثياب السابرية فنلبسها ولا نغسلها ورواية الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري انه كتب إلى صاحب الزمان عليه السلام عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة ولا يغتسلون من الجنابة وينسجون لنا ثيابا فهل يجوز الصلاة فيها من قبل ان تغسل فكتب إليه في الجواب لا بأس بالصلاة فيها و * (رواية) * أبي علي البزاز عن أبيه قال سئلت جعفر بن محمد عن الثوب يعمله أهل الكتاب اصلى فيه قبل ان يغسل قال لا بأس وان يغسل أحبالي وعن معاوية بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا اغسلها واصلي فيها قال نعم قال معاوية فقطعت له قميصا وخططته وفتلت له أزرار أو رداء من السابري ثم بعثت بها إليه في يوم الجمعة حين ارتفع النهار فكأنه عرف ما أريد فخرج بها إلى الجمعة إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على جواز استعمال الثياب التي يعملها أهل الكتاب وحملها على إرادة الثياب التي لم يعلم ملاقاتهم لها برطوبة سارية اسؤ من طرحها ويؤيده بل يدل عليه أيضا الأخبار الكثيرة الدالة على جواز مخالطة الكتابي مثل ما دل على جواز تزويج الكتابية واتخاذها ظئرا وجواز إعارة الثوب للكتابي ولبسه بعد استرداده من غير أن يغسله وتغسيل الكتابي للميت المسلم عند فقد المماثل والمحرم ونحو ذلك من غير اشعار في شئ منها بالتجنب عما يلاقيه برطوبة سارية مع قضاء العادة بعدم التحفظ عنه ما لم يكن متعمدا في ذلك بل في بعض تلك الأخبار تقرير للسائل فيما زعمه من طهارة الكتابي كصحيحة عبد الله بن سنان قال سئل أبي أبا عبد الله (ع) وان حاضر انى أعير الذمي ثوبا وانا اعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ثم يرده على فاغسله قبل ان اصلى فيه فقال أبو عبد الله (ع) صل فيه ولا تغسله من اجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن انه نجسه فلا بأس إلى غير ذلك من الاخبار إلى يقف عليها المتتبع ويدل عليه أيضا مخالطة الأئمة عليهم السلام وخواصهم مع عامة الناس من الخاصة والعامة الذين لا يتحرزون عن مساورة أهل الكتاب مع قضاء العادة باستحالة بقاء ما في أيديهم من المأكول والمشروب والملبوس وما يتعلق بهم من أثاث بيتهم على طهارته على تقدير نجاسة اليهود والنصارى ويرد على هذا الدليل النقض بسائر النجاسات فان عامة الناس لا يتحرزون عنها ولا أقل ابتلاء بعضهم بها في الجملة ولو في حال الجهل فيسرى النجاسة منها إلى جميع ما في أيدي الناس بواسطة الاختلاط فهذه شبهة سارية متعلقها مسألة كون المتنجس متنجسا لا خصوص المقام وسيأتي الكلام في حلها انشاء الله * (وأجيب) * عن الأصل بانقطاعه بالدليل وعن الآية بأنها مفسرة في الأخبار المستفيضة بالجنوب فلا يصح التمسك باطلاقها للمدعى وعن الأخبار الدالة على الطهارة الغير القابلة للحمل على صورة عدم العلم وغيره من المحامل بأنها جارية مجرى التقية لموافقتها لمذهب العامة واستشهد لذلك ببعض تلك الروايات مثل رواية زكريا بن إبراهيم التي يظهر منها الفرق بين الخمر ولحم الخنزير فلولا صدورها تقية لم يكن وجه لذلك وأوضح من ذلك رواية الكاهلي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن قوم مسلمين يأكلون فحضرهم رجل مجوسي أيدعونه إلى الطعام فقال اما انا فلا أو اكل المجوسي واكره ان أحرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم فان الظاهر من الرواية بان مواكلة المجوسي محرمة من الله سبحانه لكني لا أحرم من جهة شيوع ذلك في بلادكم فإنها لولا التقية لم يكن شيوع الارتكاب علة لكراهة التحريم ولو لم يكن الحكم من الله التحريم لم يكن وجه لتعليل كراهة التحريم بشيوع الارتكاب في تلك البلاد ولا يخفى ما في هذا التقريب فان التقية ليست مقتضية لأن يكره الإمام (ع) تحريم ما حرمه الله [تع] فالظاهر أن مواكلة المجوسي من حيث هي ولو بالنسبة إلى الخبر وغيره من الأطعمة الجامدة على ما يقتضيه اطلاق أدلتها من الأمور المكروهة التي يمقتها الله وأوليائه ولعل حكمة كونها نحوا من الموادة الممقوتة لكن الإمام (ع) كره ان يكلفهم بالمنع ارفاقا بهم وتوسعة عليهم فمراده بقوله (ع) ان أحرم عليكم اما مطلق المنع لا التحريم الحقيقي لكن بلحاظ تعلق امر الإمام (ع) بتركه كما لو امر الوالد ولده بترك بعض الأشياء المحللة لغرض
(٥٦٠)