صحيح وقد صرح غير واحد بوجوب إطاعة الإمام (ع) في كل ما يأمر به وينهى عنه وان يكن متعلقة واجبا أو حراما شرعيا بالذات فلا مقتضى لصرف الرواية عن ظاهرها ولو بناء على نجاسة المجوسي إذ لا مقتضى لحملها على إرادة خصوص المايعات التي تنفعل بملاقاة النجس فالمقصود بها بيان حكم المؤاكلة من حيث هي محرمة كانت أو مكروهة * (وكيف) * كان فلا شهادة في هذه الرواية على كون الحكم بطهارة الكتابي في ساير الاخبار لأجل التقية واضعف من ذلك الاستشهاد له برواية زكريا بن إبراهيم فإنهم اكلوا لحم الخنزير يكون اللحم أيضا من جملة طعامهم و ربما يمزجونه في ساير أطعمتهم ولذا استفصل عنه الإمام (ع) عند إرادة بيان حكم طعامهم واما الخمر فهو شراب مستقل لا يكون مانعا من حل طعامهم الا ترى انه يصح ان نقول يحل طعام شارب الخمر ولا يصح ان نقول يحل طعام من يأكل لحم الخنزير الا بعد التقيد بخلو طعامه منه فلعل الإمام (ع) استفصل عنه لإرادة تقييد الرخصة بصورة العلم بخلو طعامهم منه أو عدم العلم بوجوده فيه مع أنه يظهر بالتدبر فيما أسلفناه في مبحث نجاسة الخمر ان احتمال صدور الأخبار الدالة على طهارتها تقية ليس بأقوى من احتمال كون ما دل على نجاستها كذلك فالانصاف انه ليس في شئ من اخبار الطهارة ما يشعر بصدورها تقية فضلا عن أن يدل على ذلك دلالة معتبرة مصححة لطرح هذه الأخبار الكثيرة فلا يجوز رفع اليد عن مثل هذه الروايات الا بدليل معتبر والذي يقتضيه الجمع بينها وبين اخبار النجاسة انما هو ارتكاب التأويل في تلك الأخبار فان اخبار الطهارة لو لم تكن نصا فلا أقل من كونها اظهر دلالة من تلك الروايات مع ما أشرنا إليه من أن جملة من هذه الروايات تصلح أن تكون بمدلولها اللفظي قرينة لصرف تلك الروايات عن ظاهرها خصوصا مع ما عرفت من وهن دلالة تلك الأخبار على النجاسة بل امكان منع ظهورها فيها اللهم الا ان يدعى انجبار ضعف دلالتها كسندها بفهم الأصحاب وعملهم لكن لا يكفي ذلك في ترجيحها على اخبار الطهارة بعد عدم التنافي وامكان الجمع عرفا مع وجود الشاهد عليه الا ان يقال إن اعراض المشهور عن اخبار الطهارة أسقطها عن الاعتبار فاخبار النجاسة على هذا التقدير حجة سليمة من المعارض يجب الاخذ بظاهرها لكن الاقتناع بهذا القول في طرح مثل هذه الأخبار أراه مجرد التقليد والتصديق من غير تصور فلابد من تحقيق هذا القول * (فنقول) * لا شبهة في أن اعراض أصحابنا عن رواية واصلة الينا بواسطتهم مع شدة اهتمامهم بالتعبد بما وصل إليهم من الأئمة عليه السلام مانع من حصول الوثوق بكون ما تضمنته تلك الرواية بظاهرها حكما شرعيا واقعيا وكلما ازدادت الرواية قوة من حيث السند والدلالة والسلامة من المعارض المكافي كما فيها نحن فيه ازدادت وهنا فيكون اعراضهم عن الرواية امارة اجمالية كاشفة عن خلل فيها من حيث الصدور أو جهة الصدور أو الدلالة أو من حيث ابتلائها بمعارض أقوى * (لكنك) * خبير بعدم كونه موجبا للقطع بالخلل غالبا وعلى تقدير حصول القطع بذلك فلا بحث فيه لأن القاطع مجبول على اتباع قطعه ولا يعقل ان يكلف بالعمل برواية يقطع بعدم كون مضمونها حكم الله في حقه ولكن الكلام انما هو بالنسبة إلى من لم يقطع بذلك بحيث يصح عقلا ان يتعبد بالعمل بالخبر الذي اعرض عنه الأصحاب فاعراض الأصحاب عنه بالنسبة إليه امارة ظنية لا دليل على اعتبارها فان اثرت وهنا في الرواية من حيث السند بان منعتها من إفادة الوثوق بصدورها سقطت الرواية عن الحجية بناء على اعتبار الوثوق بالصدور في حجية الخبر أو عدم وهنه بامارة الخلاف واما بناء على كفاية مجرد وثاقة الراوي أو عدالته وعدم اشتراط الوثوق الشخصي في خصوصيات الموارد فلا وجه لرفع اليد عنه بواسطة امارة غير معتبرة كما أنه لاوجه لرفع اليد عن دلالته أو ظهوره في كونه مسوقا لبيان الحكم الواقعي لذلك اللهم الا ان يقال باشتراط حجية الظواهر بالظن الشخصي أو عدم الظن بخلافها ولكنه خلاف التحقيق وكيف كان فاخبار الباب الدالة على الطهارة لتكاثرها أو تظافرها وصحة أسانيدها واعتضاد بعضها ببعض اجل من أن يطرء عليها وهن في سندها أو دلالتها لامكان دعوى القطع بصدور أغلبها لو لم نقل بذلك في كلها كما ذهب إليه بعض فلا يتطرق إليها الوهن من حيث السند واما دلالتها فهي من القوة بمكان كاد يكون بعضها نصا في المدعى فلا نجد في نفوسنا ريبة في دلالتها وانما الريبة التي يتطرق إليها انما هي في جهة صدورها فيتقوى باعراض المشهور عنها احتمال كونها صادرة عن تقية ونحوها من الأمور المقتضية لاظهار خلاف الواقع لكن احتمال صدورها من الإمام (ع) تقية منه في القول بمعنى كونه (ع) متقيا في مقام بيان الحكم بعيد عن مصب الروايات كما لا يخفى على المتأمل فالذي يحتمل قويا كونها صادرة لأجل التقية في مقام العمل بمعنى انه قصد بها ان يعمل السائلون على ما يوافق مذهب العامة كيلا يصيبهم منهم سوء ولا مبعد لهذا الاحتمال عدا الآثار الوضعية الثابتة للنجاسات فإنه لو لم يكن لها الا الأحكام التكليفية التي يرفعها دليل نفى الحرج ونحوه لكان الامر فيها هينا لكن على تقدير نجاسة الكتابي وتنجس من خالطه واستلزام تنجسه بطلان وضوئه وغسله المتوقف عليهما صلاته وصومه وساير عباداته المتوقفة على الطهور لدى قدرته من تطهير بدنه واستعمال الماء الطاهر أو التيمم بدلا منهما لدى العجز عن التطهير فمن المستبعد جدا ان يأمر الإمام (ع) بمخالطتهم ومساورتهم من غير أن يبين لهم نجاستهم حتى يتحفظوا عنها في طهورهم وصلاتهم ولو بالتيمم بدلا من الوضوء والغسل مع أن العادة قاضيه بقدرتهم على التيمم غالبا من غير أن يترتب عليه مفسده هذا مع امكان دعوى القطع بأنه لم يكن تكليفهم في زمان مخالطتهم مع اليهود التيمم وترك
(٥٦١)