رآها فعليه ان يغسل ثيابه ويغسل كل ما اصابه ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة وان كان انما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس من ذلك الماء شيئا وليس عليه شئ لأنه لا يعلم متى سقطت فيه ثم قال لعله انما سقطت فيه في تلك الساعة وهذه الموثقة كما تريها كادت تكون صريحة في نجاسة الماء الملاقى للميتة وتنجيس ما يلاقيه و * (منها) * الأخبار الدالة على وجوب غسل الإناء الذي شرب منه الكلب والخنزير وتقريب الاستدلال بهذه الطائفة من الاخبار من وجهين أحدهما انه يظهر من اطلاق والامر بغسل الإناء مع عدم الملازمة بين ولوغ الكلب والخنزير من مائه وبين ملاقاتهما للاناء ان الماء الذي ولغ منه الكلب والخنزير كأعيان النجاسات مؤثر في تنجيس ملاقيه والاستدلال بهذه الروايات بهذا النحو من التقريب وكذا الاستدلال بموثقة عمار المتقدمة انما يجدى في مقابل من انكر السراية من التنجس رأسا حتى المايعات الملاقية لأعيان النجاسات وقد أشرنا إلى أنه لم يعلم من أحد انكار كون المايعات الملاقية للنجس بمنزلتها من حيث السراية بل الظاهر كما هو صريح الحلي التزام الكل بذلك فلا تكون هذه الروايات حجة عليهم بهذا التقريب * (ثانيهما) * انه يستفاد من الامر بغسل الإناء في هذه الأخبار وكذا من غيرهما مما ورد في كيفية غسل الأواني والفرش والبسط ونحوها سراية النجاسة إلى ما يلاقيها برطوبة سارية والا لم يكن فائدة في التكليف بتطهيرها ضرورة ان تطهيرها بنفسه ليس واجبا نفسيا وليست هذه الأشياء بنفسها مما يستعمل فيها يشترط بالطهارة فالمقصود بتطهيرها ليس الا حفظ ما يلاقيها برطوبة مسرية من الأشياء المشروطة بالطهارة من النجاسة ويتوجه عليه ان غاية ما يمكن استفادته من الامر بغسل الأواني ونحوها بعد البناء على ظهورها في الوجوب الغيري كما هو الظاهر بل المتعين انما هو حرمة استعمالها حال كونها متنجسة في المأكول والمشروب المطلوب فيهما النظافة والطهارة في الجملة ولو بالنسبة إلى المايعات التي يتنفر الطبع من شربها في إناء يستقذره واما تأثيرها في نجاسة ما فيها على وجه تبقى نجاسته بعد نقله إلى مكان اخر فلا الا ترى انه لو امر المولى عنده بغسل أوانيه الوسخة التي يستعملها في اكله وشربه لا يفهم منه الا كراهة استعمالها حال كونها قذرة في الأكل والشرب لا صيرورة ما يلاقيها برطوبة مكروها على الاطلاق واما ما ورد في كيفية تطهير الفرش ونحوها فلم يظهر منها إرادة أزيد من إزالة العين مع أنه لا يستفاد منها وجوب التطهير ويكفى في حسن تشريعه كون الحكمة فيه المبالغة في إزالة العين التي لا كلام في سراية النجاسة منها إلى ما يلاقيها أو استحباب التنزه عن استعمال النجس في ساير الافعال التي يبتلى بها المكلف وان لم يكن جوازها مشروطا بالطهارة والحاصل ان دعوى استفادة مثل هذا الحكم من مثل هذه الروايات مجازفة محضة وانما يتوهم دلالتها عليه لأجل مغروسية الحكم في الذهن فيظن بواسطتها كونه هو الوجه في صدور الامر بغسل الأواني ونحوها في هذه الروايات والا فليس في شئ اشعار بذلك فالذي يمكن ان يستدل به عليه ليس الا الاجماع بل لو سلمت دلالة الاخبار على المدعى فهي غير مغنية عن الاجماع كما توهمه بعض من لا يعتمد على الاجماع في اثبات الأحكام الشرعية فان غايتها الدلالة على السراية بواسطة أو واسطتين واما بالوسائط فلا ودعوى القطع بالمناط مجازفة لامكان ان يكون لقلة الوسائط دخل في التأثير كما في القذارات الحية فالتخطي عن كل مرتبة بل عن كل نجاسة إلى غيرها يحتاج إلى دليل وهو منحصر في الاجماع واما معروفيته لدى المتشرعة فهي أيضا بنفسها لا تصلح أن تكون دليلا له لقضاء العادة بصيرورة الحكم إذا كان مما يعم به الابتلاء معروفا لدى العوام على وجه لا يحتملون خلافه إذا اتفقت عليه كلمات العلماء ولو في الأعصار المتأخرة فلا ملازمة بينه وبين وصول الحكم إليهم يدا بيد عن المعصوم وحيث إن عمدة المستند هو الاجماع فلابد من تحقيق حاله * (فنقول) * المدار في حجية الاجماع لدينا على القطع بموافقة المعصوم أو وجود دليل معتبر فيما بين المجمعين بحيث لو وصل الينا تفصيلا لوجدناه واجب الاتباع من حيث الدلالة والسند فلو فرض عدم حصول القطع بأحد الامرين لاحد من اتفاق كلمة علمائنا الامامية رضوان الله عليهم لم يجب عليه بل لا يجوز له متابعتهم ان كان من أهل النظر والاستدلال إذ لا دليل على اعتباره من حيث هو من شرع أو عقل بل لم ينقل القول باعتباره تعبدا من أحد من أصحابنا وان كان ربما يستشعر ذلك من استدلالاتهم به في الفروع وارسالهم دليلية ارسال المسلمات لكن ينافيه تصريحاتهم في الأصول بما هو مناط اعتباره * (نعم) * زعم بعض كون الشهرة التي هي أعم من اتفاق الكل من الظنون المعتبرة لكنه مع كونه خلاف المشهور في غاية الضعف * (فالحق) * ان اتفاق العلماء انما يكون حجة من حيث افادته للقطع بثبوت متعلقة لأجل كونه سببا عاديا لاستكشاف أحد الامرين المتقدمين لا من باب التعبد واما الاجماع الذي هو حجة من باب التعبد هو الاجماع الحقيقي المشتمل على مقالة المعصوم واعتباره على هذا التقدير أيضا ليس عندنا من حيث نفس الاجماع بل بواسطة وجوب التعبد بمقالة المعصوم الذي هو أحد المجمعين وزعم كثير من أصحابنا على ما يظهر من مراجعة كتبهم ان اتفاق جميع العلماء ولو في عصر واحد طريق عقلي لاستكشاف رأى الإمام (ع) بقاعدة اللطف وهو خلاف التحقيق لعدم تمامية القاعدة ولذا لم يقول عليها جل علمائنا المتأخرين وبنوا على أن طريق استكشاف رأى الإمام (ع) من الاجماعات المتحققة في هذه الاعصار منحصر في الحدس الناشئ من الملازمة العادية بين اتفاق العلماء في جميع الأعصار وبين موافقة الإمام (ع) ولذا اعتبروا في حجية الاجماع اتفاق كل العلماء في جميع الأعصار أو جلهم على وجه يستلزم عادة موافقة المعصوم ولا يخفى ان الأسباب العادية غالبا
(٥٧٨)