من الأصحاب التصريح باتفاق على حرمة الأكل والشرب فيها لكن في الوسائل حكى عن الأصحاب انهم نقلوا القول بعدم الحرمة من جمع من العامة ولذا احتمل جرى بعض الأخبار الآتية التي وقع فيها التعبير بالكراهة مجرى التقية وكيف كان فالظاهر كما صرح به غير واحد عدم الخلاف فيه بيننا بل عن ظاهر جماعة من الأصحاب أو صريحهم دعوى الاجماع على أنه لا يجوز استعمالها مطلقا ولو في غير ذلك مما لا يندرج في الأكل والشرب الا انه حكى عن الشيخ في الخلاف أنه قال يكره استعمال أواني الذهب والفضة وكذا المفضض منها وظاهره إرادة الكراهة المصطلحة لكن عن جماعة من المتأخرين التصريح بان مراده الحرمة ويؤيده ما حكى عنه في زكاة الخلاف من التصريح بالحرمة وكيف كان فمستند الحكم اخبار مستفيضة من طرق الخاصة والعامة فعن الجمهور انهم رووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا تشربوا في انية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة وربما يستشعر من التعليل الواقع في هذا الخبر ان المراد بالنهي المنع من مطلق استعمالها وكون تخصيص الأكل والشرب بالذكر لعموم الابتلاء بهما كما يؤيد ذلك تخصيص الشرب بالأواني والاكل بالصحاف مع أن الخصوصية بالنسبة إليها غير مقصودة بلا شبهة والتخصيص جار مجرى التعارف فليتأمل وعن علي (ع) أنه قال الذي يشرب في انية الذهب والفضة انما يجرجر في بطنه نارا ومن طريق الخاصة صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سئلت أبا الحسن الرضا (ع) عن انية الذهب والفضة فكرههما فقلت قد روى بعض أصحابنا انه كان لأبي الحسن (ع) مرأة ملبسة فضة لا والله انما كانت لها حلقة من فضة وهى عندي ثم قال إن العباس حين عذر عمل له قضيب ملبس من فضة من نحو ما يعمل الصبيان تكون فضته نحوا من عشرة دراهم فامر به أبو الحسن (ع) فكسر في الحدائق العذر بالعين المهملة ثم الذال المعجمة بمعنى الاختتان وحسنة الحلبي أو صحيحته عن أبي عبد الله (ع) قال لا تأكل في انية من فضة ولا في انية مفضضة وعن داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) قال لا تأكل في انية الذهب والفضة وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) انه نهى عن انية الذهب والفضة وعن موسى بن بكير عن أبي الحسن (ع) قال انية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون وعن الفقيه روايته مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله ورواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال لا تأكل من انية الذهب والفضة وموثقة سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا ينبغي الشرب عن انية الذهب والفضة ورواية يونس بن يعقوب عن أخيه يوسف قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في الحجر فاستسقى ماء فاتى بقدح من صفر فقال رجل ان عباد بن كثير يكره الشرب في الصفر فقال لا بأس وقال (ع) للرجل الا سألته اذهب هو أم فضة وخبر حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن ابائه عليهم السلام في حديث المناهى قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الشرب في انية الذهب والفضة ورواية قرب الإسناد عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهاهم عن سبع منها الشرب في انية الذهب والفضة والمروى عن الكافي في الموثق عن ثعلبة بن ميمون عن يزيد عن أبي عبد الله (ع) انه كره الشرب في الفضة وفى القدح المفضض وكذلك ان يدهن في مدهن مفضض والمشطة كذلك وعن الصدوق باسناده عن ثعلبة مثله و زاد فإن لم يجد بدا من الشرب في القدح المفضض عدل بفمه عن مواضع الفضة في الحدائق وهذه الزيادة محتملة لأن تكون من كلامه أو من أصل الخبر هذه جملة ما وصل الينا من الأخبار الواردة في الباب وهى بأسرها تدل على مرجوحية استعمال انية الذهب والفضة في الجملة اما بالنسبة إلى الأكل والشرب فهي نص فيهما وبالنسبة إلى ما عداهما من الاستعمالات فبعضها تدل عليه بالاطلاق وقد يدل عليه أيضا بعضها بالنصوصية كما سنشير إليه وهذه الأخبار ما بين ما وقع فيه التعبير بصيغة النهى أو لفظ النهى أو التعبير بلفظ الكراهة وفى بعضها التعبير بلفظ لا ينبغي اما الطائفة الأولى فظاهرها الحرمة واما الطائفة الثانية وهى ما ورد فيها التعبير بلفظ الكراهة فلا ظهور لها الا في المرجوحية المطلقة الغير المنافية للحرمة أو الكراهة فان الكراهة المستعملة في كلمات الأئمة عليهم السلام بحسب الظاهر ليست مستعملة الا في معناها اللغوي والعرفي لا الكراهة المصطلحة عند المتشرعة وهى بمقتضى معناها العرفي تجامع الحرمة أو الكراهة فلا منافاة بين هذه الأخبار وبين الأخبار الدالة بظاهرها على الحرمة كما قد يتوهم واما ما وقع فيه التعبير بلفظ لا ينبغي وهو موثقة سماعة فظاهرة الكراهة فان لفظة لا ينبغي وان جاز استعمالها على سبيل الحقيقة في المحرمات لكن الشايع المتعارف استعمالها في الأمور الغير المناسبة لا المحرمة فلها ظهور عرفى في الكراهة كما أن رواية موسى بن بكير مشعرة بها أو ظاهرة فيها لكن لاعلى وجه يصلح لصرف الأخبار الدالة على الحرمة عن ظاهرها خصوصا مع استفاضة تلك الأخبار واعتضاد بعضها ببعض وقوة ظهور بعضها في الحرمة كالعامي المروى عن علي عليه السلام وهو وان كان عاميا لكنه لمعروفيته عند الأصحاب واشتهار مضمونه بين الخاصة والعامة ليس موقع ريبة فلا بأس بالعمل بمثلها هذا مع أن عداها فيما غنى وكفاية ولو سلم صلاحية الخبر الظاهر في الكراهة في حد ذاته لصرف الأخبار الدالة على الحرمة عن ظاهرها فلا ينبغي الالتفات إلى ظاهره بعد مخالفته لفتوى الأصحاب واجماعهم فلا اشكال في أصل الحكم لكن مورد جل الاخبار الظاهرة في الحرمة خصوص الأكل والشرب بل ربما يظهر من بعض الأخبار اختصاصه باناء الشرب كصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن المرأة هل يصلح امساكها إذا كان لها حلقة فضة قال نعم انما يكره استعمال ما يشرب به وعن قرب الإسناد روايتها مثلها الا أنه قال وسئلته عن المرأة هل يصلح العمل بها إذا كان لها حلقة فضة قال نعم انما كره
(٦٤٨)