التجفيف كما يشهد له الأخبار المتقدمة الدالة بظاهرها على طهارة الإناء بعد غسله من غير اعتبار هذا الشرط والله العالم الثاني ظاهر المتن وغيره بل المشهور شهرة كادت تبلغ الاجماع كما ادعاه في الجواهر قصر الحكم على الولوغ فلا يتعدى منه إلى مباشرة باقي أعضائه عدا اللطع باللسان المساوي للولوغ بل أولويته منه فيما يحتمل مدخليته في التنجيس أو الحاجة إلى التعفير قال في محكى المعالم والمشهور بين الأصحاب قصر الحكم على الولوغ وما في معناه وهو اللطع والوجه فيه ظاهر إذ النص انما ورد في الولوغ وادعاء الأولوية في غيره مطلقا في حيز المنع وبدونها يكون الالحاق قياسا انتهى وعن الأردبيلي قدم منع التعدية إلى مباشرة لسانه أيضا بما لا تسمى ولوغا حتى اللطع وهو بالنسبة إلى مجرد مباشرة اللسان وجيه دون اللطع الذي لا يفقد شيئا مما يتضمنه الولوغ من الأمور المناسبة للتنجيس أو التعفير ودون ما لو شرب من الإناء على وجه لم يصدق عليه اسم الولوغ كما لو كان مقطوع اللسان أو ممنوعا من تحريك لسانه فان مستند الحكم انما هو الصحيحة المتقدمة التي وقع فيها التعبير عن موضوع الحكم بفضل الحكم الكلب الصادق على ما شرب منه في جميع الصور وانصرافها إلى كون شربه على وجه صدق عليه اسم الولوغ لكونه هو المتعارف في شرب الكلب انصراف بدوي منشأه غلبة الوجود وعن العلامة في النهاية الحاق اللعاب لو حصل بغير الولوغ بالولوغ مستدلا عليه بان المقصود قلع اللعاب من غير اعتبار السبب ثم قال وهل يجرى عرقه وساير رطوباته واجزائه وفضلاته مجرى لعابه اشكال الأقرب ذلك لأن فمه أنظف من غيره ولهذا كانت نكهته أطيب من غيره من الحيوانات لكثرة لهثه انتهى ويتوجه عليه ما حكى عنه في المنتهى أنه قال لا يغسل بالتراب الا من الولوغ خاصة فلو ادخل الكلب يده أو رجله أو غيرهما كان كغيره من النجاسات ثم نقل من الصدوقين التسوية بين الوقوع والولوغ ونقل أقوال بعض العامة ثم أجاب بأنه تكليف غير معقول فيقف على النص وهو انما دل على الولوغ ثم نقل حجة المخالف بان كل جزء من الحيوانات يساوى بقية الأجزاء في الحكم ثم أجاب بان التساوي ممنوع والفرق واقع إذ في الولوغ يحصل ملاقاة الرطوبة اللزجة للاناء المفتقر إلى زيادة في التطهير انتهى * (أقول) * ما أشار إليه من أن الحكم توقيفي لم نتعقل مناطه حق ومقتضاه عدم التخطي إلى اللعاب أيضا فان كون مناط الحكم ملاقاة الرطوبة اللزجة للاناء غير معلوم كيف وربما نقطع بعدم صيرورة الماء الذي شرب منه الكلب لزجا وعدم اكتساب الإناء منه لزوجة مفتقرة إلى التعفير فلا يجوز التعدي إليه والحاصل ان التخطي عن مورد النص لا يجوز الا مع القطع بالمناط وعدم مدخلية خصوصيات المورد في الحكم وانى لنا القطع بذلك في مثل هذا الحكم التعبدي الذي لم نعرف وجهه بعد ذهاب المشهور إلى قصر الحكم على الولوغ أو اللطع الذي هو بمعناه كما صرح به غير واحد حيث إنه مشتمل على جميع الخصوصيات التي يتضمنها الولوغ بحيث لو كان الإناء مشتملا على الماء لتحقق به اسم الولوغ وعن بعض متأخري المتأخرين موافقة الصدوقين في الحاق الوقوع بالولوغ واختاره في الحدائق مستدلا عليه بعبارة الفقه الرضوي المتقدمة و * (فيه) * انه لا اعتماد على الرضوي خصوصا مع مخالفته للمشهور فما حكى عن المشهور هو الأشبه ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه والله العالم * (الثالث) * هل يعتبر مزج التراب بالماء أم لا قولان حكى أولهما عن الحلي والراوندي وعن العلامة في المنتهى خاصة تقويته وتبعه في ذلك كاشف اللثام حيث قال ودليل ابن إدريس ان الغسل حقيقة في اجراء المانع فظاهر قوله اغسله بالتراب اغسله بالماء مع التراب نحو اغسل الرأس بالسدر والخطمى وحمله على الدلك مجاز بعيد وهو قوى كما في المنتهى انتهى واختاره بعض متأخر المتأخرين من المعاصرين ونسب إلى المشهور القول بعدم اعتباره لكنهم على في الحدائق بين ساكت عن حكم المزج وبين مصرح بجوازه واجزائه في التطهير وممن صرح بالاجزاء الشهيد في الدروس والبيان وهو ظاهر الشهيد الثاني في المسالك أيضا الا انه اشتراط ان لا يخرج التراب بالمزج من اسمه أقول فهو بحسب الظاهر ينكر الاجتزاء بالممتزج لكنه لا يشترط اليبوسة في التراب واستدل القائل بالاشتراط بان الوارد في النص هو الغسل بالتراب وحقيقة الغسل جريان المايع على المحل ولا يتحقق هذا المعنى حقيقة ما لم يمتزج قال ابن إدريس على ما حكى عنه الغسل بالتراب غسل بمجموع الامرين منه ومن الماء لا يفرد أحدهما عن الاخر إذ الغسل بالتراب لا يسمى غسلا لأن حقيقته جريان المايع على الجسم المغسول والتراب وحده غير جار انتهى وفيه ان اعتبار المزج لا يوجب العمل بحقيقة الغسل فان الغسل عرفا عبارة عن اذهاب الوسخ باستعمال الماء وما جرى مجريه في الميعان دون مطلق المايع الذي يكون كالوحل والدبس ونحوهما ولا يظن بأحد ان يلتزم باعتبار هذا الحد من الميعان الموجب لصيرورته ماء أو شبهه وان اشعر كلام العلامة في محكى التذكرة بكونه مفروغا منه لدى القائلين باشتراط المزج حيث قال إن قلنا بمزج الماء هل يجرى لو صار مضافا اشكال وعلى تقديره هل يجزى عوض الماء ماء الورد وشبهه اشكال وكيف كان فان أراد القائل باعتبار المزج هذه المرتبة من الامتزاج فهو واضح الفساد إذ لم يقصد بقوله اغسله بالتراب الغسل بالماء الغير الصافي المشتمل على بعض اجزاء ترابية بلا شبهة وان اراده ما دون هذه المرتبة فلا يتحقق معه حقيقة الغسل فيكون اطلاق الغسل عليه بلحاظ كونه مؤثرا في التنظيف فقوله اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء يعنى نظفه به أولا قبل استعمال
(٦٥٩)