الطاهر من الأرض وبالبعض الثاني شيئا مبهما فمعناها ان الأرض الطاهرة تطهر بعض الأشياء الذي من جملته مورد السؤال فعلى هذا تخرج الرواية من صلاحيتها للتأييد فضلا عن أن يمكن الاستدلال بها للمدعى لكن لا ينبغي الاعتناء بمثل هذا الاحتمال فالانصاف ان التعليل الوارد في الروايات وان لا يخلو عن (من) اجمال واهمال لكن لا يبعد ان يدعى ان مورد الفتاوى الذي ادعى عليه الاجماع هو القدر المتيقن الذي يفهم حكمه منه فلا أقل من كونه مؤيدا للمدعى فلا ينبغي الاستشكال في الحكم وربما يستشعر من قوله (ع) ان الأرض يطهر بعضها بعضا بناء على إرادة النجس من البعض الثاني اختصاص الحكم بالنجاسة الكائنة في الأرض كما هو مورد جل اخبار الباب بل كلها وهو خلاف ظاهر الفتاوى أو صريحها فلا يبعد ان يكون التعبير جاريا مجرى الغالب من كون النجاسة ناشئة من المشي على الأرض مع ما عرفت من قوة احتمال ان يكون المراد به بعض الأرض حقيقة فلا يتأتى حينئذ الاستشعار المذكور وكيف كان فاستبعاد مدخلية مثل هذه الخصوصية في موضوع الحكم مانع عن أن يفف الذهن دونها وان كان اللفظ مشعرا باعتبارها ولذا لم يفهم الأصحاب من هذه الروايات الاختصاص بل لا يتبادر من صحيحة زرارة بل وكذا من غيرها حتى هذه الأخبار المعللة والاخبار التي وقع فيها التعبير بلفظ الاشتراط كقوله صلى الله عليه وآله إذا وطئ أحدكم الأذى [الخ] الا ان كون المسح أو المشي على الأرض طهورا للرجل أو الخف من العذرة من غير أن يكون لكيفية وصولها إلى الرجل لكونها بوطائها أو كون محلها الأرض دخل في الحكم ولذا لا يتوهم أحد فرقا بين كيفيات الوصول ولابين أن تكون العذرة التي يطأها برجله مطروحة على الأرض أو على الفراش ونحوه فان مثل هذه الخصوصيات ليست من الخصوصيات الموجبة لتخصيص الحكم بنظر العرف كما في سائر الموارد التي وقع فيها السؤال عن احكام النجاسات مع كون المفروض في موضوعها وصول النجاسة إلى الثوب أو البدن مثلا بكيفيات خاصة فيكون هذه الروايات بعد عدم التفات العرف إلى خصوصيات مواردها بمنزلة اخبار مطلقة لا يرفع اليد عنها الا بدلالة معتبرة إذ لو كان لمثل هذه الخصوصيات دخل في الموضوع وجب التنبيه عليه في مقام الجواب في مثل هذا الحكم العام الابتلاء وليس في المقام دليل على اعتبار الخصوصية عدا الاستشعار المتقدم المبنى على فرض غير ثابت فالأظهر عدم الفرق بين كون النجاسة من الأرض أو من غيرها والله العالم وهل يلحق بالقدم أو النعل الخرقة الملفوفة بالرجل أو الجورب ونحوهما مما لم يتعارف استعماله لوقاية الرجل عن الأرض * (فيه) * تردد خصوصا إذا لم يجر العادة في خصوص الشخص أيضا على استعماله فان عدم الالحاق في هذه الصورة هو الأظهر وفى اطراد الحكم بالنسبة إلى خشبة الأقطع وركبتيه وفخذي المقعد ويدي من يمشى على يديه وما جرى مجريها وكذا بالنسبة إلى ما يوقى به هذه المواضع وجهان من خروج مثل هذه الفروض من منصرف الاخبار ومن امكان دعوى استفادته من الأدلة بنحو من الاعتبار وتنقيح المناط الذي يساعد عليه العرف وفيه تأمل فالأول ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط وحكى عن بعض الحاق كل ما يستعان به على المشي كأسفل العكاز وعصى الأعمى وأسفل العربات والتخوت ونعل الدابة وهو في غاية الاشكال والله العالم ويلحق بباطن النعل والقدم وما جرى مجريهما حواشيها التي يتعارف إصابة النجس إليها حال المشئ لاطلاق الأدلة بل المتبادر من السؤال في صحيحة زرارة إرادة ما يعمها فهذه الصحيحة كادت تكون صريحة في المدعى * (تنبيهات الأول) * الظاهر أنه لافرق في حصول التطهير بين كونه بالمشي أو المسح كما صرح به في الحدائق وغيره ويدل عليه صحيحة زرارة ورواية حفص بن عيسى المتقدمتين (متان) ولا يعتبر في المشي أو المسح مقدار معين بل الحد النقاء كما يدل عليه الخبران المتقدمان وما في صحيحة الأحول من تحديد المشي بخمسة عشر ذراعا بحسب الظاهر جار مجرى الغالب من كون هذا المقدار من المشي يوجب إزالة النجاسة لا لاعتباره بالخصوص كما يؤمى إليه قوله (ع) أو نحو ذلك وعلى تقدير ظهورها في اعتبار هذا المقدار من حيث هو من باب التعبد يتعين صرفها عن ذلك بقرينة ما عرفت فما عن ابن الجنيد من اشتراط المشي خمسة عشر ذراعا ونحوها ضعيف مع أن عبارته المحكية عنه قابلة للحمل على ما وجهنا به صحيحة الأحول كما يشعر بذلك ما فيها من عطف ونحوها على خمسة عشر ذراعا ويؤيده أيضا ما في ذيل عبارته على ما ذكره في الحدائق من التصريح بالاكتفاء بالمسح وقد اشتهر نسبة القول بكفاية مطلق المسح ولو بغير الأرض إليه مستظهرا من هذه العبارة ولعله أراد المسح بالأرض لا مطلقا بقرينة سابقه كما ذكره في الحدائق ولا يحضرني عبارته كي أتحقق حال النسبة وكيف كان فهذا يبعد التزامه باشتراط الخصوصية في المشي من باب التعبد والله العالم ولو لم يكن للنجاسة جرم كالبول والماء بعد الجفاف كفى مجرد المسح وحكى عن غير واحد التصريح بكفاية مطلق المماسة فان أريد به بما يتحقق به اسم المسح أو المشي فهو حسن والا فلا يخلو عن (من) تأمل بل منع ثم إن النقاء الذي اعتبرناه حدا للتطهير انما هو إزالة العين واما الأثر الذي هو عبارة عن الرائحة واللون ونحوهما فقد عرفت في محله عدم اعتباره في التطهير بالماء فكيف في التراب المبني امره على التسهيل مع أنه يظهر من صحيحة الأحول التي ورد فيها التحديد بخمسة عشر ذراعا عدم اعتبار الاكثار في المشي مع أن من الواضح عدم كون هذا المقدار من المشي غالبا موجبا لإزالة الأثر بل ربما يستظهر من هذه الصحيحة وغيرها عدم البأس بالاجزاء الصغار المتخلفة بدعوى ان الغالب بقائها في خلال شقاق
(٦٤٣)