ثم نظر إلى محمد بن الحنفية وقال له: هل حفظت ما أوصيت به أخويك؟ قال: نعم، (قال): اني أوصيك بمثله، وأوصيك بتوقير أخويك لعظم حقهما عليك، ولا توثق أمرا دونهما. ثم قال (ع) أوصيكما به فإنه شقيقكما وابن أبيكما، وقد علمتما أن أباكما يحبه، ثم قال للحسن (ع):
أمرني رسول الله (ص) أن أوصي إليك وأدفع إليك كتبي وسلاحي، كما أوصى إلي ودفع كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها لأخيك الحسين (ع). ثم أقبل على الحسين (ع) وقال له: أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثم أومى بيده إلى علي بن الحسين (ع) وقال له: أمرك رسول الله (ص) أن تدفعها إلى ابنك محمد واقرأه مني ومن رسول الله السلام، ثم استودعكم الله وهو خليفتي عليكم، ولم يزل ينطق بلا إله إلا الله حتى قبض صلوات الله وسلامه عليه، فقام الحسن والحسين (ع) في جهازه، وغسله الحسن (ع) وكفنه في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، وكبر عليه سبع تكبيرات، وحمل إلى ظهر الغري، ودفن هناك صلوات الله عليه.
[صلى الاله على جسم تضمنه * قبر فأصبح فيه العدل مدفونا] [قد حالف الحق لا يبغي به بدلا * فصار بالحق والايمان مقرونا] ثم رجع الحسن والحسين (ع) وأخوتهما من دفنه، وقعد في بيته ولم يخرج ذلك اليوم، ثم خرج عبد الله بن العباس بن عبد المطلب إلى الناس، فقال، إن أمير المؤمنين (ع) قد توفي وانتقل إلى جوار الله وقد ترك بعده خلفا، فإن أحببتم خرج إليكم وإن كرهتم فلا أحد، على أحد فبكى الناس وضجوا بالبكاء والنحيب، فقالوا: بل يخرج إلينا، فخرج إليهم الحسن وعليه ثياب سود وهو يبكي لفقد أبيه، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه، ثم قال:
أيها الناس اتقوا الله فانا أمراءكم وساداتكم وأهل البيت الذين قال الله