وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٣٦٠
سرت إليه من غد وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر، فإذا بين يديه خياط وهو يقطع ثيابا غلاظا خفاتين له ولغلمانه، ثم قال للخياط: إجمع عليها جماعة من الخياطين وأسرع من فراغها يومك، وبكر بها إلي في هذا الوقت ثم نظر إلي وقال يا يحيى إقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم، واعمدوا إلى الرحيل غدا في هذا الوقت، فخرجت من عنده وأنا متعجب من الخفاتين وأقول في نفسي: نحن في تموز وحر الحجاز وإنما بيننا وبين العراق عشرة أيام، فما يصنع بهذه الثياب؟ والعجب من الرافضة حيث يقولون بإمامته مع فهمه هذا، فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت فإذا الثياب قد أحضرت، فقال لغلمانه:
ادخلوا السوق وخذوا لنا معكم لبابيد وبرانس، فقلت في نفسي: هذا أعجب من الأول أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتى يأخذ معه اللبابيد والبرانس، فخرجت معه وأنا أستضعف فهمه فسافرنا حتى وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت فيه المناظرة في القبور، فارتفعت سحابة سوداء واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور، وقد شد (ع) على نفسه وغلمانه الخفاتين ولبسوا اللبابيد والبرانس وقال لغلمانه: ادفعوا إلى يحيى لبادة وإلى الكاتب لبادة وبرنسا، وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانون رجلا، وزالت ورجع الحر كما كان، فقال لي: يا يحيى أنزل من بقي من أصحابك ليدفنوا من مات منهم، ثم قال (ع): هكذا يملي الله البرية قبورا، قال: فرميت نفسي من على دابتي وعدوت إليه، فقبلت ركابه ورجليه وقلت: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنكم خلفاء الله في أرضه، وقد كنت كافرا، والآن قد أسلمت على يديك يا مولاي، قال يحيى:
فلزمت خدمته حتى مضى صلوات الله عليه.
وفيه عن زرافة صاحب المتوكل أنه قال: وقع مشعبث ناحية الهند إلى المتوكل يلعب بالحق ولم ير مثله، وكان المتوكل لعابا فأراد أن يخجل علي بن محمد (ع) فقال لذلك الرجل إن أنت أخجلته أعطيتك ألف دينار زاكية، قال:
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست