تقدم وائت لنا بخبز رقاق خفاف واجعلها على المائدة وأقعدني إلى جانبه، ففعل وحضر علي بن محمد (ع) وكان له مسورة عن يساره وكان عليها صورتا أسد وجلس اللاعب إلى جنب المسورة، فمد علي بن محمد (ع) يده إلى قرص فطيره ذلك المشعبث في الهواء، فمد يده إلى آخر فطيره وتضاحك الجميع، فضرب علي بن محمد (ع) على تلك الصورة التي في المسورة وقال: خذي عدو الله، فوثبت تلك الصورة فابتلعت الرجل اللعاب وعادت إلى مكانها كما كانت، فتحير الجميع ونهض علي بن محمد (ع) ليمضي، فقال له المتوكل: سألتك بالله إلا جلست ورددته فقال: والله لا ترى بعدها، أتسلط أعداء الله على أولياء الله؟ وخرج من عنده.
فلما غلب الشيطان تلك القلوب ولم يراقبوا علام الغيوب حملهم ذلك الغل الكامن في الفؤاد، وأوجب لهم الجحود والالحاد، ولم يبالوا بإظهار هذه المعاجز التي طبقت الآفاق والسبع الشداد، فما ازدادوا إلا عداوة وانكارا وقسوة وأحقادا، فما أحراه بهذا الانشاد حيث يقول: - [حسدوهم مع علمهم أنهم * خير البرايا سيدا ومسود] [لم يراعوا قرب النبي فزادوا * في شقاهم على فعال ثمود] [كلما أظهروا لما قد تعلوا * من مقام تعنتوا بالجحود] [ويلك من قرابة حسدتهم * ورمتهم بالحرب كالمطرود] [بلغت فيهم بقتل وأسر * وعناء فيا لها من حسود] [قطعت رحمها وولت عداها * فلها الويل قائد ومقود] [فمصابي لما أصيبوا عظيم * وفؤادي قد صار حر وقيود] [كيف أنساهم وما قد أصيبوا * من رزايا مفطرات الكبود] [قد حرمت الهنا ما دمت حيا * ولبست الضنا زمان وجودي] [ويك يا عين اسكبي الدمع حزنا * ويك لا تبخلي عليهم وجودي] ومن المعاجز الخارقة للعادة المنسوبة إليه ما روي في الجرائح