في سجوده: راغما لك يا خلقي داخرا خاضعا، قال: فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل.
ثم قال: يا فتح كدت أن تهلك وتهلك وما ضر عيسى ابن مريم (ع) إذ هلك من هلك، انصرف إذا شئت يرحمك الله تعالى قال: فخرجت وأنا فرح بما كشف الله عني من التلبس بأنهم هم، وحمدت الله على ما قدرت عليه، فلما كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متكئ وبين يديه حنطة مقلية وهو يبعث بها، وقد كان أوقع الشيطان في خلدي أنه لا ينبغي أن يأكلون ويشربون إذا كان ذا آفة والامام غير ذي آفة، فقال: اجلس يا فتح فإن لنا بالرسل أسوة، يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق وكل جسم مغذو بهذا إلا الخالق الرزاق تعالى لأنه جسم الأجسام ولم يجسم ولم يتزايد ولم يتناقص، الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، منشئ الأشياء مجسم الأجسام، وهو السميع، العليم، اللطيف، الخبير، الرؤوف، الرحيم، تبارك وتعالى عما يصفه الظالمون علوا كبيرا، لو كان كما يوصف لم يعرف الرب من المربوب، ولا الخالق من المخلوق، ولا المنشئ من المنشأ، ولكنه فرق بينه وبين من جسمه وشاء الأشياء إذا كان لا يشبه شئ ولا يشبه شيئا، وفي هذا المعنى قيل:
[علي هو الهادي إلى منهج الهدى * فأكرم به هاد كما قاله الله] [به طلعت شمس الرشاد ولم يكن * له شبه في خلقه يوم صفاه] [فويل لمن عاداه بغيا وقد عتى * عتوا عظيما في جهنم مثواه] [لقد هدموا الاسلام إذ قتلوه * ولم يرقبوا فيه هنالك مولاه] [أيقتل مسموما ولم يك جرمه * إليه سوى أن المهيمن زكاه] [وأودعه تلك المعاجز في الورى * وأعطاه أعلى المكرمات وولاه] [فيا معشر الأرجاس أنتم قرابة * إليه ولا ترعوا هنالك تقواه]