بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد فإن أمير المؤمنين عارف لقدرك، مراع لقرابتك موجب لحقك، مؤثر من الامر فيك وفي أهل بيتك، لما فيه صلاح حالك وحالهم، وتثبيت عزك وعزهم، وإدخال الامر عليك وعليهم، يبتغي بذلك رضاء الله وأداء ما افترضه فيك وفيهم، وقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد الله بن محمد عما كان يتولاه بمدينة الرسول من الحرب والصلاة إذا كان الامر على ما ذكرته لي من جهالته بحقك، واستخفافه بأمرك وما رماك به وأغراك إليه من الامر الذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه، ولما تبين له من صدق نيتك، وحسن طويتك وسلامة صدرك، وأنك لم تؤهل نفسك لشئ مما ذكر عنك، وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يليه عبد الله بن محمد من الحرب والصلاة بمدينة الرسول لمحمد بن الفضل، وأمر بإكرامك وخدمتك وتوقيرك وتبجيلك والانتهاء إلى أمرك ورأيك وعدم مخالفتك، والتقرب إلى الله تعالى ورسوله وأمير المؤمنين بذلك، وأمير المؤمنين مشتاق إليك، يحب احداثك العهد بقربك، والتميز بالنظر إلى ميمون طلعتك المباركة، فإن نشطت لزيارته والمقام قبله وأحببت ذلك حضرت أنت ومن اخترته من أهل بيتك ومواليك وحشمك وخدمك على مهل وطمأنينة، ترحل وتنزل إذا شئت وتسير كيف شئت، وإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة بن أعين مولى أمير المؤمنين في خدمتك هو ومن معه من الجند، يرحلون برحيلك، وينزلون بنزولك، والامر إليك في ذلك، وقد كتبت إليه في طاعتك بجميع ما تحب، فاستخر الله تعالى فما عند أمير المؤمنين من أهل بيته وولده وخاصته ألطف منزلة، ولا أثر ولا انظر إليهم وأبر بهم وأشفق عليهم وأسكن إليهم منك إليه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وكتب إبراهيم بن العباس في سنة ثلاث وأربعين ومائتين من الهجرة، فلما وصل الكتاب إلى أبي الحسن (ع) تجهز للرحيل، وأزمع على الانتقال