وعنق هذه العصابة كلهم، فوالله ما تحدثنا بذلك حتى مات لا رحمه الله تعالى وبلغ إلى ما يستحق من العذاب، فانظروا إلى هذا البغض الكامن في الجوانح والأفئدة، وإلى هذه المكيدة حيث أطلعوهم على ما خصهم به الملك الديان من الانعام العديدة، فسعوا في إطفاء نورهم ونائرتهم القديمة والجديدة، وقد يأبى أن يطفئ تلك الأنوار، وأن يطمس تلك الآثار الشديدة ولله در من قال:
[سعوا ويلهم جهرا لاطفاء نورهم * وكيف ينال العبد إطفاء نوره] [تعالى قديما أن ينالوا مرادهم * من الحجة القصوى ومن هدهم سور] [فإنهم نور الاله الذي بدا * من العلم العلوي حال ظهوره] [فما زادهم تلك العداوة مطلبا * وما بلغوا إلا ضلالة زوره] [وكيف ينالوا ما أهموا به وما * عليه انطووا من سره وستوره] [ألا لعن الله العبابسة التي * بغت وطغت في غيها في نشوره] [ستصلى جحيما لا يزال مخلدا * عليهم وما زالوا إذا في شروره] [لقد هدموا بيت الرسالة عنوة * وهدوا من الأطواد رافع طهوره] [فلا غرو ان ناحت عليهم محاجري * وفارق قلبي مستقر سروره] [وأصبح أمواه البسيطة ناضبا * عليهم وحل الخف وسط بدوره] ثم لم يزل المتوكل يضمر في نفسه الشر والعداوة لما في قلبه من الجفوة والقسوة، فروي أنه اتفق له مرض من جراح خرج له في جسده وطال به واهتم من أجله، فما زال يصف حاله للأطباء وعلموا أنه ليس له علاج إلا بالنار، فلم يجسر أحد أن يمسه بالنار خوفا من بأسه وفرقا من سطوته إذا أحس بحرارة النار فيعاقب من أشار عليه بالعلاج بها، وكانت أمه في وجل وخوف عليه من ذلك، حتى أنها لما آيست من برئه ورأت ما نزل به من تلك الجراح لم تجد شيئا ترجوا به معافاته مما نزل به، إلا أنها نذرت لأبي الحسن علي الهادي (ع) بمال إن عوفي من مرضه على ما رواه الكليني عن إبراهيم الظاهري قال: مرض المتوكل من جراح وأشرف منه على الهلاك، ولم يجسر أحد أن يمسه بحديدة، فنذرت