أعظم فقدي لك أو فراقي إياك أو تهمة الناس لي أني اغتلتك وقتلتك، قال:
فرفع (ع) طرفه ثم قال: أحسن معاشرة أبي جعفر فإن عمرك وعمره هكذا وجمع بين سبابتيه.
قال: فلما كان في تلك الليلة قضى نحبه (ع) بعدما قضى من الليل بعضه، فلما أصبح الصباح اجتمع الخلق وقالوا: هذا قتله واغتاله - يعني المأمون - وقالوا: قتل ابن رسول الله (ص) فأكثروا القول والتهمة.
وفي أعلام الورى: أنه لما توفي الرضا (ع) أنفذ المأمون إلى محمد بن جعفر الصادق (ع) وجماعة آل أبي طالب الذين كانوا عنده، فلما حضروه نعاه إليهم وأظهر حزنا شديدا وتوجعا، وأراهم إياه صحيح الجسد وقال: يعز علي أن أراك بهذا الحال وقد كنت آمل أن أقدم قبلك ولكن أبى الله إلا ما أراد. فيا له من مريد مرد على النفاق من تجرع الغسلين والغساق إذ زاد بقتل إمامه على جميع الفساق، وعلى فرق الكفار فاق فأي حجة يحتج بها عند مولاه ويخشى الناس والله أحق أن يخشاه.
وفي خبر هرثمة قال: فلما كان الثلث الثاني من الليل علا الصياح وسمعت الوجبة من الدار، فأسرعت فيمن أسرع فإذا بالمأمون مكشوف الرأس محلل الأزرار قائما على قدميه ينتحب ويبكي قال: فوقفت فيمن وقف وأنا أتنفس الصعداء، ثم أصبحنا وجلس المأمون للتعزية ثم قام فمشى إلى الموضع الذي فيه سيدنا فقال: اصلحوا لنا موضعا فانا نريد أن نغسله، فدنوت منه وقلت له ما قاله سيدي في سبب الغسل والتكفين والدفن، فقال لي: لست أعرض لذلك ثم قال: شأنك يا هرثمة، قال: فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط قد ضربت، فوقفت من ظاهره وكل من في الدار دوني وأنا أسمع التكبير والتهليل والتسبيح وتردد الأواني وصب الماء وتضوع الطيب الذي لم أشم أطيب منه، فإذا أنا بالمأمون قد أشرف علي من بعض علالي داره فصاح بي: يا هرثمة أليس زعمت أن الامام لا يغسله إلا إمام مثله فأين محمد ابنه وهو