وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٣٠٢
فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي الغاسل، ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه، ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى (ع) لغسله ابنه ظاهرا مكشوفا ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفي، فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني فضعني على نعشي واحملني، فإذا أراد أن يحفر قبري فإنه سيجعل قبر أبيه هارون قبلة قبري ولن يكن ذلك فإذا ضربت المعاول تثبت عن الأرض ولم ينحفر لهم ولا مثل قلامة ظفر، فإذا اجتهدوا في ذلك صعب عليهم فقل لهم عني: إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون فإذا ضربت به في الأرض فينفذ إلى قبر محفور وضريح قائم، فإذا انفرج القبر فلا تنزل إليه حتى يفور من الضريح ماء أبيض فيملأ القبر حتى يصير ذلك الماء مع وجه الأرض ثم يضطرب فيه حوت بطوله، فإذا اضطرب فلا تنزل حتى إذا غاب الحوت وغار الماء فأنزلني في ذلك القبر وألحدني في ذلك الضريح ولا تتركهم يأتون بتراب يلقونه علي فإن القبر ينطبق من نفسه ويمتلي، قال: فقلت: نعم يا سيدي ثم قال لي: احفظ ما عهدت إليك واعمل به ولا تخالف قلت: أعوذ بالله أن أخالف لك أمرا يا سيدي ثم خرجت باكيا حزينا فلم أزل كالحبة على المقلاة لا يعلم ما في نفسي إلا الله تعالى.
أقول وحق لهرثمة وجميع من سواه ممن يتوالى الإمام (ع) ويهواه أن تسيل بالدموع عيناه، وأن تتقطع بجراحات الحزن أمعاءه، وتحرق بنيران الوجد أحشاه، تأسيا بإمامه (ع) ومولاه، فإن من شروط الموالاة المواساة وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.
فلما كان ذلك اليوم المشؤوم على الاسلام، والوقت الذي شب في قلوب المؤمنين الضرم، استدعى المأمون عليه وعلى آبائه وأبنائه أفضل الصلاة والسلام كما هي العادة بينه وبين ذلك الامام في أكثر الأيام.
وفي خبر أبي الصلت الهروي استدعاه فقال (ع): إني ماض إلى هذا
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست