وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٣٠٤
وقال: ثم أن الإمام (ع) جعلني الله وقاه من الآلام لما تحقق من وقت أجله، وانقطع من الحياة سبب أمله، أشار إلى خليفته الإمام الجواد (ع) المنصوص عليه من رب العباد الذي لم يقض لعمره الشريف بالامتداد أن يأتي إليه من المدينة لأنه لا يلي أمر المعصوم إلا مثله، ولا يجهز الامام إلا شكله، وقد كان (ع) عند خروجه من المدينة بإشخاص المأمون إياه دفع إليه كتبه وسلاحه ومواريث الأنبياء وآثار الأوصياء ووصيته (ع) ووصية آبائه الطاهرين (ع)، ودل على إمامته. وشيعته الميامين لعلمه (ع) أنه لا يرجع لجوار جده الأمين (ص): فلما قضى معه مأربه واستوفى من وصاياه مطلبه توجه إلى مولاه بعد أن أطبق فاه، وغمض عينيه ومد يديه، فلما خرجت نفسه الشريفة تلقتها الحور والولدان، وزخرفت الجنان، وفتحت أبواب السماء، وأعلنت هي ومن فيها بفنون البكاء، وارتجت أرجاء الأرض وضاقت رحبا بأهلها في الطول والعرض، وفشت فيها الظلمة ولا غرو فقد طفئ عنها سراج الأمة وسدت عنها بفقده أبواب الرحمة، فلم ير في ذلك اليوم إلا باك وباكية وناع وناعية ونائح ونائحة وصارخ وصارخة، وصار على المؤمنين كاليوم الذي مات فيه رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع)، فسرت قلوب الحاسدين وأرغمت أنوف الموحدين، واشتد الكرب بالكروبيين وعلا الصراخ من الفقراء والأرامل والمساكين، فوا ضيعة الايمان والمؤمنين والاسلام والمسلمين، ولقد أصبح كتاب الله بفقده مهجورا ورسول الله (ص) فيه موتورا.
ولله در من قال:
[الله أكبر ما أدهاك قارعة * أضحى لها معطس الاسلام مرغوما] [أعالم أي دهيا معظل طرقت * فعاد منها ثبير المجد مهدوما] [وأصبحت زاخرات العلم ناضبة * وآب آمل سقياهن محروما] [والحق أصبح مدكوس اللوى وغدا * كف المكارم المعروف مجذوما] [قضى الرضا وبرغم الدين يوم قضى * كما أراد الغوك والكفر مسموما] [ثوى الثرى يشتكي كبدا مضرمة * وضامرا بحسام الوجد محسوما]
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست