وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٢٩٧
الله تعالى وقوته بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب هذه الكورة إياه واستخفافهم به وبخاصته وعامته.
ثم انه (ع) انصرف إلى مركزه واستحضر الميضأة وصلى ركعتين ودعا في قنوته الثانية بدعاء طويل قال في آخره: يا قوي يا منيع يا علي يا رفيع صل على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه، وانتقم لي ممن ظلمني واستخف بي وطرد الشيعة عن بابي، وأذقه مرارة الذل والهوان كما أذاقنيها واجعله طريد الأرجاس وشريد الأنجاس. فما استتم دعاءه حتى وقعت الرجفة في البلدة وارتفعت الزعقة والصيحة والضجة وثارت الغبرة فقال (ع): يا أبا الصلت اصعد السطح فإنك سترى امرأة غيبة رثة الأطمار مهيجة الأشرار ويسميها أهل هذه الكورة سمانة لعبادتها وتنسكها، وفي نسخة لغباوتها وتهتكها قد شدت مكان الرمح إلى نحرها قصبا، وقد شدت لها وقاية حمراء إلى طرفه مكان اللوى وهي تقود الجيش وتسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون ومنازل القواد، قال أبو الصلت: فلم أر إلا رؤوسا تقرع بالعصا وهامات ترضخ بالأحجار، ولقد رأيت المأمون متدرعا قد برز من قصر شاهجان متوجها للهرب، فما شعرت إلا بشاجره الحجام قد رمى من أعالي السطوح لبنة ثقيلة فضرب بها رأس المأمون فأسقطت بيضته بعد أن شقت جلدة هامته، فقال بعضهم: ويلك هذا أمير المؤمنين فقالت سمانة: لا أم لك أسكت فليس هذا يوم التمييز والمحاباة، ولا يوم إنزال الناس على طبقاتهم، فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلط ذكور الفجار على فروج الأبكار، وطرد المأمون وجنوده أسوأ طرد وإذلال واستخفاف شديد ولم يرجع إلى مكة واستقراره إلا بعد محنة شديدة وتعب وتنكيد: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله وخاب كل جبار عنيد.
ومن مكره السيئ الذي أحاط به ثم تمزق غيظا بسببه حيث لم يتمكن من الفتك به ما رواه صبيح الديلمي قال: إن المأمون دعاني أنا وثلاثين غلاما من ثقاته على سره وعلانيته في الثلث الأول من الليل، فدخلت عليه وقد صار ليله
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست