فقلت: ان النبي (ص) لم يورث من قدر على الهجرة ولم يهاجر، وأن عمي العباس قد قدر على الهجرة ولم يهاجر، وإنما كان في الأسارى مع النبي (ص) وجحد أن يكون له الفداء فأنزل الله على النبي (ص) يخبره بدفين له من ذهب، فبعث عليا (ع) فأخرجه من عند أم الفضل وأخبر العباس بما أخبر به جبرائيل عن الله تعالى، فأذن لعلي فأعطاه علامة الذي دفن فيه، فقال العباس عند ذلك: يا ابن أخي ما فاتني منك أكثر فأشهد أنك رسول الله رب العالمين، فلما أحضر علي الذهب، قال العباس: أفقرتني يا ابن أخي، فأنزل الله تعالى: (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم) (1)، وقوله تعالى (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) (2) ثم قال تعالى: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) (3)، فرأيته قد اغتم. ثم قال: أخبرني من أين قلتم أن الانسان يدخله الفساد من قبل الإماء حال الخمس الذي لا يدفع إلى أهله، فقلت: أخبرك يا أمير المؤمنين بشرط أن لا تكشف هذا الباب لأحد ما دمت حيا، وعن قريب يفرق الله بيننا وبين من ظلمنا وهذه مسألة لم يسأل بها أحد من السلاطين غير أمير المؤمنين، قال: ولا تيم ولا عدي ولا أحد من بني أمية ولا أحد من آبائنا؟ قلت: ما سئلت ولا سئل جدي أبو جعفر (ع) عنها قال، فإن بلغني منك أو من أحد أهل بيتك كشف ما أخبرتني به رجعت عما آمنتك منه، فقلت: لك علي ذلك، فقال: أحببت أن تكتب لي كلاما موجزا له أصول وفروع يفهم تفسيره، ويكون عن سماعك من أبي عبد الله (ع)، فقلت: نعم وعلى عيني يا أمير المؤمنين قال: فإذا فرغت فأرفع حوائجك، فقام ووكل بي من يحفظني وبعث إلي في كل يوم بمائدة فكتبت:
(٢٥٤)