أهملتهم وهذا كله بعينك إذ لا يغلب قضاؤك ولا يرد محتوم أمرك فهو كيف شئت وأنى شئت لما أنت أعلم به منا، ثم دعا بابنه محمد بن علي الباقر (ع)، فقال يا محمد، فقال لبيك، فقال (ع): إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله (ص) وحط الخيط الذي نزل به جبرائيل (ع) على رسول الله (ص) وحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فيهلكوا جميعا.
قال: جابر: فبقيت متعجبا من قوله لا أدري ما أقول، فلما كان من الغد جئته وكان قد طال علي ليلي حرصا لأنظر ما يكون من أمر الخيط، فبينما أنا في الباب إذ خرج (ع) فسلمت عليه فرد علي السلام وقال لي: ما غدا بك يا جابر عنا ولم تكن تأتنا في هذا الوقت؟ فقلت لقول الإمام (ع) بالأمس خذ الخيط الذي أتى به جبرائيل (ع) وسر به إلى مسجد رسول الله (ص) وحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فيهلك الناس جميعا، فقال الباقر (ع): والله لولا الوقت المعلوم والأجل المحتوم والقدر المقدور لخسفت بهذا الخلق المنكوس في طرفه عين بل في لحظة، ولكنا عباد مكرمون لا نسبقه بالقول ونحن بأمره عاملون.
قال جابر: فقلت: يا سيدي ومولاي ولم تفعل هذا بهم؟ قال: ما حضرت بالأمس والشيعة تشكو إلى والدي (ع) ما يلقون من هؤلاء الأنذال؟
فقلت: يا سيدي ومولاي نعم، فقال (ع): إنه (ع) أمرني أن أرعبهم لعلهم ينتهون، وكنت أحب أن تهلك طائفة منهم ليطهر الله البلاد ويريح العباد منهم.
قال جابر: فقلت: سيدي كيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصى، فقال الباقر (ع): امض بنا إلى مسجد رسول الله (ص) لأريك قدرة من قدرة الله تعالى التي خصنا الله بها وما من به علينا من دون الناس، فقال جابر: فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده في التراب وتكلم بكلام ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا فاحت منه رائحة المسك، فكان في المنظر أدق من سم الخياط ثم قال لي: يا جابر خذ إليك طرف الخيط وامض رويدا،