وأقبل عالم النصارى قد شد حاجبيه بخرقة صفراء حتى توسطنا، فقام إليه جمع من القسيسين والرهبان مسلمين عليه فجاؤوا به إلى صدر المجلس فقعد فيه وأحاط به أصحابه وأبي (ع) و أنا بينهم، فأدار نظره فقال لأبي: أمنا أم من هذه الأمة المرحومة؟ فقال (ع): من هذه الأمة المرحومة فقال: من أين أنت أمن علمائها أم من جهالها؟ فقال أبي (ع): لست من جهالها، فاضطرب اضطرابا شديدا فقال لأبي: أسألك؟ فقال أبي: أسأل فقال: من أين ادعيتم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يحدثون ولا يبولون؟ وما الدليل على ذلك من شاهد لا يجهل؟ فقال أبي (ع): الجنين في بطن أمه يأكل ولا يحدث. قال:
فاضطرب النصراني اضطرابا شديدا، فقال: هلا زعمت أنك لست من علمائها؟ فقال أبي (ع): ولست من جهالها وأصحاب هشام يسمعون ذلك، فقال لأبي: أسألك مسألة أخرى فقال أبي (ع): اسأل فقال لأبي: من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة غضة طرية موجودة غير معدومة عند أهل الجنة؟ وما الدليل عليه من شاهد لا يجهل؟.
فقال أبي (ع): دليل ما ندعيه أن السراج أبدا يكون غضا طريا موجودا غير معدوم عند أهل الدنيا لا ينقطع ابدا، فاضطرب اضطرابا شديدا ثم قال، هلا زعمت أنك لست من علمائها؟ فقال أبي ولست من جهالها.
فقال أسألك مسألة فقال: اسأل فقال: أخبرني عن ساعة لا من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فقال له أبي (ع): هي الساعة التي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يهدأ فيها المبتلى ويرقد فيها الساهر ويفيق المغمى عليه، جعلها الله في الدنيا دليلا للراغبين وفي الآخرة دليلا للعالمين، لها دلائل واضحة وحجة بالغة على الجاحدين المتكبرين الناكرين لها، قال: فصاح النصراني صيحة عظيمة ثم قال: بقيت مسألة واحدة والله لأسألنك مسألة لا تهتدي إلى ردها أبدا فقال له:: سل ما شئت، فإنك حانث في يمينك فقال أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد وماتا في يوم واحد عمر أحدهما خمسين