وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١٩٥
عنكم العذاب، قال جابر (رض): فلما بصر الأمير بمحمد الباقر (ع) سارع نحوه وقال: يا بن رسول الله أما ترى ما نزل بأمة محمد (ص) وقد هلكوا وفنوا؟
ثم قال له: أين أبوك حتى نسأله أن يخرج إلى المسجد فنتقرب به إلى الله تعالى فيرجع عن أمة محمد (ص) البلاء؟ فقال الباقر (ع): يفعل إن شاء الله تعالى، ولكن أصلحوا ما فسد من أنفسكم، وعليكم بالتوبة والتورع عما أنتم عليه فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.
قال جابر: فأتينا زين العابدين (ع) بأجمعنا وهو يصلي فانتظرناه حتى انتقل من الصلاة فأقبل علينا ثم قال لابنه سرا: يا محمد كدت تهلك الناس جميعا، قال (ره): فقلت: والله يا سيدي ما شعرت بتحريكه حين حركه، فقال (ع): لو شعرت بتحريكه ما بقي نافخ نار، فما خبر الناس؟ فأخبرناه، فقال (ع): ذلك مما استحلوا منا محارم الله تعالى وانتهكوا من حرمتنا، فقلت: يا بن رسول الله إن سلطانهم بالباب قد سألنا أن نسألك أن تحضر المسجد حتى تحضر الناس إليك فيدعون الله تعالى ويتضرعون إليه ويسألونه الإقالة، فتبسم (ع) ثم قال: (أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) (1) قلت: يا سيدي ومولاي العجب أنهم لا يدرون من أين أتوا، فقال: أجل وتلا (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآيتنا يجحدون) (2) هي والله يا جابر آياتنا، وهذه والله إحداها وهي مما وصف الله تعالى في كتابه (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) (3).
ثم قال (ع): يا جابر ما ظنك بقوم أماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا ووالوا

(1) سورة غافر، الآية: 50.
(2) سورة الأعراف، الآية: 51.
(3) سورة الأنبياء، الآية: 18.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست