الفصل الثاني في معاجزه التي بهرت العقول، ومكارم أخلاقه التي ورثها من الرسول وعلي فحل الفحول ومن آبائه الكرام حملة علم المعقول والمنقول، وبها أظهرت تلك الأحقاد والذحول للغل الكامن في صدور أولئك النغول، وقد جرت مع خلفاء عصره عجائب لا تدركها العقول لأنه (ع) قد بقر علم الرسول (ص) بقرا، فمنها ما وقع له في حياة أبيه (ع) حيث قد شكت الشيعة لأبيه (ع) من الظلم والقهر والتشريد والامر المهول على ما رواه في عيون المعجزات مرفوعا إلى جابر قال: أفضيت الخلافة إلى بني أمية فسفكوا في أيامهم الدم الحرام، ولعنوا أمير المؤمنين (ع) على منابرهم ألف شهر، واغتالوا شيعته في البلدان وقتلوهم واستأصلوا شأفتهم، ومالأهم على ذلك علماء السوء رغبة بحطام الدنيا، وصارت محنتهم على الشيعة لعن أمير المؤمنين (ع) فمن لم يلعنه قتلوه، فلما فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال واشتكت إلى زين العابدين (ع) وقالوا: يا ابن رسول الله حلؤنا عن البلدان بالقتل الذريع، وقد أعلنوا بلعن أمير المؤمنين (ع) في البلدان وفي مسجد رسول الله (ص) على منبره ولا ينكر عليهم منكر ولا يعيرهم معير فإن أنكر واحد منا لعنوه وقالوا: هذا ترابي، ورفع إلى سلطانهم وكتب إليه أن هذا ترابي أو ذكر أبي تراب (ع) بخير فضرب وحبس وقتل، فلما سمع (ع) ذلك نظر إلى السماء وقال: سبحانك ما أعظم شأنك إنك أمهلت عبادك حتى ظنوا أنك
(١٩١)