[فبنفسي ربائب الخدر أضحت * للعدي مكسبا عقيب حماها] [قد أماط العداة عنها رداها * وكستها سياطهم ما كساها] [أين عنها حماتها ليروها * باكيات وهل يفيد بكاها] قال الراوي: فلما نظر زين العابدين (ع) إلى ذلك لم يتمالك على نفسه دون أن قام وهو يرتعش من الضعف، فأخذ عصاة يتوكأ عليها وأتى إلى عمته وثنى ركبته وقال، اركبي فلقد كسرت قلبي وزدت كربي، فأخذ ليركبها فارتعش من الضعف وسقط على الأرض، فلما رآه الشمر لعنه الله أتى إليه وبيده سوط فضربه وهو ينادي: وا جداه وا محمداه وا علياه وا حسناه وا حسيناه، فبكت زينب وقالت: ويلك يا شمر رفقا بيتيم النبوة وسليل الرسالة وحليف التقى وتاج الخلافة، فلم تزل تقول كذا حتى نحته عنه قال: وإذا بجارية سوداء مسنة قد أقبلت إلى زينب فأركبتها فسألت عنها فقالوا: هذه فضة جارية فاطمة الزهراء (ع).
[لم أنس زينب بعد الخدر حاسرة * تبدي النياحة ألحانا فألحانا] [مسجورة القلب إلا أن دمعها * كالمعصرات تصب الدمع عقيانا] قال: ثم أركبوا الإمام (ع) على بعير أعجف فلم يتمالك الركوب من شدة الضعف، فأخبروا ابن سعد فقال: قيدوا رجليه من تحت بطن الناقة، ففعلوا ذلك وساروا بهم على تلك الحالة ورؤوس الشهداء معليات على أطراف الرماح، وجسومهم عوار على البطاح ومن بين الرؤوس رأس سيد الشهداء وإمام السعداء.
[وشيبته مخضوبة بدمائه * يراوحها غادي النسيم ورائحة] فعز على محمد سيد المرسلين، وعلى علي أمير المؤمنين، وعلى فاطمة سيدة نساء العالمين، وعلى الحسن الزكي الأمين، وعلى الشهيد الغريب الحسين، بل وعلى جميع النبيين والأوصياء المرضيين والملائكة المقربين