ارتفع النهار أدخلوا الرؤوس البلد ومن ورائها الحرم والأسارى من أهل البيت.
قال سهل بن سعد: رأيت الرؤوس على الرماح يتقدمهم رأس العباس بن علي نظرت إليه كأنه يضحك ورأس الإمام (ع) كان وراء الرؤوس أمام المخدرات، وللرأس الشريف مهابة عظيمة ويشرق منه النور بلحية مدورة قد خالطها الشيب وقد خضبت بالوسمة، أدعج العينين، أزج الحاجبين، واضح الجبين، أقنى الانف، متبسما إلى السماء، شاخصا ببصره إلى نحو الأفق والريح تلعب بلحيته.
قال الراوي: أدخلوا الرؤوس والسبايا من باب جيرون، وكان يزيد لعنه الله في منظرة على جيرون، لما وقع طرفه على الرؤوس والسبايا أنشد:
[لما بدت تلك الرؤوس وأشرقت * تلك الشموس على ربى جيرون] [لعب الغراب فقلت صح أولا تصح * فلقد قضيت من النبي ديوني] قال الباقر (ع): سألت أبي علي بن الحسين (ع) عن كيفية دخولهم على يزيد لعنه الله، فقال: أوقفونا أولا على باب من أبواب القصر ثلاث ساعات في طلب الاذن من يزيد، ثم أدخلوا عليه ونحن مربطون بحبل واحد مثل الأغنام، وكان الحبل في عنقي وعنق عمتي زينب وأم كلثوم وباقي النساء والبنيات وكلما قصرنا عن المشي ضربونا حتى أدخلونا على يزيد لعنه الله.
[فقل لسرايا شيبة الحمد مالكم * قعدتم وقد ساروا بنسوتكم حسرى] [وأعظم ما يشجي الغيور دخولها * إلى مجلس ما بارح اللهو والخمرا] [أقيمت لديه آه واذلة الهدى * وكل عن النظار تنضم بالأخرى] ولنعرض عن ذكر بعض ما جرى على آل الرسول وأولاد علي والطهر البتول في ذلك المجلس الخبيث من أولئك الفجرة النغول، إذ المصاب عظيم والرزء جسيم، وبعد أن فعل يزيد (لع) معهن ما فعل دعاهن وخيرهن بين المقام عنده أو الرجوع للمدينة فاختاروا الرجوع لها، وقد كان عليه اللعنة أوعد