ثم أخذ الباقر (ع) في تغسيله كما أمره وأدرجه في أكفانه ووضعه على سريره، فحمل على الأعناق بالوجد والاحتراق حتى أتي به إلى البقيع الأشرف ودفن هناك في القبة التي فيها العباس بن عبد المطلب والحسن الزكي المنتجب، فيا له من مقام سمى الشهب.
[قضى السجاد مظلوما بسم * فما طيب الكرى لي من مباح] [قضى السجاد فالصدقات سرا * تقيم عليه مأدبة النياح] [قضى كنز الأرامل واليتامى * وبحر الجود جف لدى الأجاح] [قضى عين الحياة فأي عين * عقيب العين تبخل بالسفاح] [قضى قطب الوجود فكيف تبقى * بنا الأفلاك دائمة السباح] [بكته الجامدات فلا عجيب * بأن يبكي بألسنة الفصاح] [وتبكيه الوقود وما عليها * وقد فقد المرجى من جناح] [ويبكيه السماح وغير بدع * إذا يبكي السماح على السماح] ولقد ورد أنه لما وضعه ابنه الباقر (ع) على المغتسل وجرده من ثيابه، رأى على ظهره أثر فسئل الباقر (ع) عن ذلك فقال: هذا مما كان يحمله على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين. وقيل: قال الباقر (ع): لما سئل عن ذلك وهو يبكي هذا أثر الجامعة التي وضعت على صدره، والغل الذي في يديه، وكانت وفاته (ع) في يوم السبت الثامن عشر من شهر المحرم، وقيل في الثاني والعشرين منه، وقيل: في الخامس والعشرين منه وهو المشهور. وأما السنة فقيل: سنة اثنتين وتسعين، وقيل: أربع وتسعين وقيل: خمس وتسعين، وعمره الشريف سبع وخمسون سنة كأبيه (ع)، وقيل: تسع وخمسون وأربعة أشهر وأيام، وقيل: أربع وخمسون وقيل: ثمان وخمسون وكان في سني إمامته ملك يزيد وملك معاوية بن يزيد وملك مروان وابنه عبد الملك، وتوفي في ملك الوليد بن عبد الملك وقيل: في ملك هشام بن عبد الملك وإنه هو الذي سمه