[ما ضر ذا الطاعة ما ناله * في طاعة الله وما ذا لقي] [ما يصنع العبد بغير التقى * العز كل العز للمتقي] فقلت يا أهل مكة من هذا الفتى؟ قالوا: هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ومنها أنه لما حج هشام بن الحكم في حياة أبيه دخل إلى الطواف وجهد أن يستلم الحجر الأسود، فلم يصل إليه لكثرة زحام الناس عليه، فنصب له منبر إلى جانب زمزم في الحطيم، فجلس عليه ينظر إلى الناس وحوله جماعة من أهل الشام، فبينما هم كذلك إذ أقبل علي بن الحسين زين العابدين (ع) يريد الطواف، فلما انتهى إلى الحجر الأسود تنحى عنه الناس حتى أتى الحجر فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي هابه الناس هذه المهابة فتنحوا عنه يمينا وشمالا فقال هشام: لا أعرفه مخافة أن يرغب فيه أهل الشام، وكان الفرزدق حاضرا فقال للشامي: أنا أعرفه فقال: من هو يا أبا فراس؟ فقال:
[هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم] [هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم] [ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الاسلام والعجم] [إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم] [يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم] [يغضي حياء ويغضي من مهابته * ولا يكلم إلا حين يبتسم] [في كفه خيزران ريحه عبق * في كف أورع في عرنينه شمم] [ينشق نور الهدى من نور غرته * كالشمس ينجاب عن اشراقها الظلم] [مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم] [هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا] [الله شرفه قدرا وعظمه * جرى بذلك له في لوحه القلم] [وليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم]