يقول المؤلف: وهذا هو الحق الصحيح لان محمد هذا رضي الله عنه من أجل العارفين بمراتب الإمامة وأنها لغيره لا له، وأقوى شاهد على هذا حب أبيه أمير المؤمنين له وتوصية أخويه الحسنين به، وكذلك أخواه الحسنان (ع)، فلو كان في علمهم المكتوم أنه يكون فيه ميل عن الحق وانحراف لأظهروا ذلك كما فعلوه مع من ظهر منه الخلاف.
ومن مناقبه الفاخرة الدالة على أنه من سادات الأوصياء وهم العترة الطاهرة أنوار الولاية وأعلام الهداية الذين من تمسك بهم فاز ونجا، ومن تخلف عنهم غرق وهوى ما روي عن ثابت النباتي قال: كنت حاجا وجماعة من عباد البصرة مثل أيوب السجستاني، وصالح المروي، وعتبة الغلام، وحبيب الفارسي ومالك بن دينار فلما دخلنا مكة رأينا الماء ضيقا وقد اشتد بالناس العطش لقلة الغيث، ففزع إلينا أهل مكة والحجاج يسألونا أن نستسقي لهم، فأتينا الكعبة وطفنا بها ثم سألنا الله تعالى خاضعين متضرعين بها فمنعنا الإجابة، فبينما نحن كذلك إذ نحن بفتى قد أقبل قد أكربته أحزانه وأقلقته أشجانه فطاف بالكعبة أشواطا [ثم] أقبل علينا فقال: يا مالك بن دينار ويا ثابت الغباتي ويا أيوب السجستاني ويا صالح المروي ويا عتبة الغلام ويا حبيب الفارسي ويا سعيد ويا عمر ويا صالح الأعمى ويا رابعة ويا سعدانة ويا جعفر بن سليمان، فقلنا: لبيك وسعديك يا فتى، فقال: أما فيكم أحد يجيبه الرحمن؟ فقلنا يا فتى علينا الدعاء وعليه الإجابة، فقال: ابعدوا عن الكعبة، فلو كان فيكم أحد يجيبه لأجابه، ثم أتى الكعبة فخر ساجدا فسمعته يقول في سجوده: سيدي بحبك لي إلا سقيتهم الغيث، قال: فما استتم كلامه حتى آتاهم الغيث كأفواه القرب، فقلت: يا فتى من أين علمت أنه يحبك قال: لو لم يحبني لم يستزرني فلما استزارني علمت أنه يحبني، فسألته بحبه لي فأجابني ثم تولى عني وأنشأ يقول:
[من عرف الرب فلم تغنه * معرفة الرب فذاك الشقي]