نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٧٠
ونحن لا نستطيع أن ننعت هؤلاء بالجهل فإن منهم المثقفين بل والمتخصصين في الثقافات المختلفة، كما لا نستطيع أن ننعتهم بالغباء فإن منهم الأذكياء والنوابغ، ولكن أمثالهم - ما أخالهم إلا كما عبر الحديث النبوي: اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع وإن ما بلغوه من ذكاء وحصلوه من علم وتجربة لا يجدي فتيلا لأنهم لا ينعمون بالعقل المدبر، أو العقل القادر على حل قضايا الفكر ومشكلات الحياة، وهو لعقل الذي أميل إلى تشخيصه بالعقل الشرعي الذي وهبه الله الفاعلية والقدرة على التوفيق بين المنقول والمعقول.
ومن ثم وقف هؤلاء - مهما بلغوا من تخصص في معارفهم - عند المستوى الذي وقف فيه الفلاسفة الماديون فحرموا بسبب ذلك نعمة الاعتقاد هذه الخارقة وخوارق الدين.
ومن ثم كان (العقل الفلسفي) عاجزا عن تحقيق هذه المدارك الروحية على حين ارتقى إليها (العقل الشرعي) كما أوضحنا.
وفي العصر الحديث عظمت هذه البلبلة وتفاقم خطبها حين بهر الناس بتقدم العلوم الطبيعية، وشاهدوا ما حققه علماء الطبيعة من خطوات كثيرة نحو كشف المجهول من أسرار الكون، وما بلغه العلماء الماديون من تطوير في وسائل العلوم المختلفة حين ظهر تطبيقها واضحا في المجالات التكنولوجية.
بحيث وصل الإنسان إلى مستوى يستطيع فيه تحقيق كل مطالبه الحيوية ويصل إلى ما يريد من مرافق المعيشة في سهولة ويسر لا تكلفه شيئا أكثر من الضغط على أزرار معينة تكفل له كل ما يريد في السلم أو في الحرب
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»