نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٦٩
والسمعيات شأنه شأن ذلك، شأن نزول عيسى وخروج الدجال وظهور الدابة وغيرها من القضايا التي لا تعالج فكرتها باستخدام التجارب المحسوسة في معامل الطبيعة (مختبرات الكيمياء وإنما تخضع للون آخر من البراهين يتفق مع طبيعتها الروحي، أو بمعنى آخر تعتمد في البرهنة عليها على التجربة الروحية إن صح هذا التعبير وإذا استثنينا الصدر الأول من الإسلام وهو ما يقابل آخر القرن الثالث الهجري انقسم رجال الفكر من هذه القضية إلى فريقين: فريق يؤمن إيمانا جازما بخروج المهدي رائدهم في ذلك التسليم بما جاءت أحاديث المغيبات وما أثر عنه صلوات الله عليه من قضايا سمعية وهو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى وهذا الفريق - وهو الكثيرة الكاثرة من الأمة - في غناء عن الهروع إلى الأدلة والبراهين لإثبات موضوع المهدي - ذلك لأن الإيمان بلغ من قلوب أفراده درجة التصديق - وعلى المدى العميق الذي فيه يصدق الإنسان المؤمن بالمغيبات وكأنها ماثلة أمامه عيانا وهذا الموقف العقدي يهبه فيهبه الله من يشاء من أمة سيد الأنبياء وهم الذين عرفهم الله وميزهم على سائر الأمم بقوله لم تعط أمة من اليقين ما أعطيت أمتي.
وفريق آخر - وهم قلة والحمد لله - أشبه بمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، وأمثال هؤلاء يريدون أن يقيسوا أمور الدين قياسا محدودا بمنطق عقولهم، وكأن المعتقدات السمعية وسائر المغيبات تقاس على غيرها من الأمور الكونية، فلا يصدقون إلا بما أثبتته التجربة في المعمل ويكذبون بما عدا ذلك
(٦٩)
مفاتيح البحث: الصدق (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»