نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٧٤
ليحكم بين الناس على النهج الأسمى الذي سار عليه علي وابناه سلام الله عليهم فهذه الخلافات تعتبر شكلية في نظرنا، لأن خارقة المهدي ليست محصورة في كونه يعيش ألفا وثلاثمائة عام فقط بل الخارقة العظمى هو انقياد أهل الثقلين له وإذعانهم له بالاتباع والسير على منهجه ومثله وقيمه الموروثة عن النبي والأئمة الهادين المهديين من آله.
ولعل العقيدة التي أخذ بها الإمامية أدل في هذا المقام على خارقة المهدي وأعمق في الدلالة على كرامته ومنزلته في هذه الأمة لكن هذا الاعتقاد في الصورة الثانية لا يرفع أحد الطرفين على الآخر المقياس الذي تقاس به العقيدة هنا تنحصر في جوهر الخارقة وفي الرسالة التي يؤهله الله لها والعلامة محمد باقر الصدر حين نظر إلى هذه الخارقة من وجهها الثاني إنما يريد أن ينظر إليها من جميع أبعادها الجوهرية والشكلية الدالة على جلال صاحبها.
ولما كان هذا الأمر من الأمور المتعلقة بالقضايا الروحية العقدية فإن الأخذ في البرهنة عليه يعتبر من أشع الأمور حتى على الراسخين في العلم وأعني بكلمة البرهنة في هذا الصدد (البرهنة العلمية) التي تقنع المفكرين المعاصرين ولا سيما الواقعيين والتجريبيين والبراجماسيين وسائر المنطوين تحت لواء الفلسفة المادية.
وقد استطاع سيادته بمهارة العالم الأصيل الذي جمع الله له بين الاستعداد والأداة:
وأعني بالاستعداد الملكة الفطرية المعينة على الغوص على تحليل القضايا
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 79 80 ... » »»