نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٦٣
لا جبر ولا اختيار ولكن منزلة بين المنزلتين وهذا هو الصواب بخلاف المتطرفين من أهل السنة الذين هم في عداد الجبرية وبخلاف المتطرفين من الشيعة الذين هم في عداد القدرية أو المعتزلة الذين يقولون بخلق أفعال أنفسهم وبذلك ارتفع النزاع في قضية الجبر والاختيار عند المعتدلين من شقى الأمة.
وقضية أخرى من أعوص القضايا التي تنازع فيها الفريقان ونعني بذلك الأحاديث التي تخالف ظاهر المعقول كالتي فيها معنى التجسيم أو رؤية الإنسان لله في الجبة بعيني رأسه أو الأحاديث التي يناقض ظاهرها ظاهر الأحاديث الأخرى أو الأحاديث التي على سهوه عليه السلام كحديث ذي اليدين، فإن ذلك ونحوه لا يمثل خلافا حقيقا بالفريقين.
لأن أحاديث النبي أعمق من أن تصدر فيها الأحكام السريعة فأما الأحاديث التي في ظاهرها التجسيم فإنه قصد بها التصوير والتوضيح إن صح سندها والأحاديث الدالة على رؤية الله، الجنة تؤول أن المقصود هو رؤية البصيرة لا الباصرة ورؤية التجلي لا رؤية الإحاطة.
وقد أوضحنا ذلك في كتابنا (الإسراء والمعراج).
والأحاديث الدالة على جواز السهو على الرسول المقصود بها التشريع وتعليم أصحابه.
وهذا ما تؤيده فلسفة التربية على ما أوضحناه في غير هذا المكان حتى قال
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 67 68 69 ... » »»