نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٥٤
ولا يضير أي مذهب الاختلاف في القضايا الفرعية وفي درجة العمق في مفاهيم الأصول والقيم الإسلامية لأن المدار كل المدار هو التوحيد الأكبر الذي يتبلور حول الإيمان بالله ورسوله وكتبه وملائكة وبالقضاء خيره وشره حلوه ومره مع توحيد عملي يجمع بين هذه المذاهب في كون الصلوات المفروضة خمس صلوات وفي وجوب الزكاة، وفي صوم شهر رمضان، وفي حج بيت الله سبحانه لمن استطاع إليه سبيلا وليس هناك أدنى تبرير لما يثيره أهل العصبة من هذه المذاهب من تعصب كل مذهب لرأيه ما دامت قضايا الاختلاف لا تتجاوز الفروع واختلاف وجهات النظر فهم النصوص، وهو حق مشروع لكل من ملك أدوات الاجتهاد من أئمة المذاهب الإسلامية الذين وصلوا بعلمهم وأخلاقهم واجتهادهم إلى التمسك بالمفهوم الأقرب إلى جوهر النصوص الشرعية فإذا حدث اختلاف بينهم في هذه المفاهيم فإن ذلك دليل على عظمة الله والإسلام واتساع باب الاجتهاد فيه وليس كما يعتقد الآخرون من أنه: دليل الوهن والضعف والاضطراب ما دام المجتهد - كما قلنا - يملك عن يقين أدوات الاجتهاد وعلومه من شرعية ولغوية وبلاغية وأصولية والمسوغ الأعظم لهذا الاجتهاد بأخذ شرعيته من قول الرسول الأعظم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم (واختلاف أمتي رحمة) ومع أن الحديث الذي تقرر فيه الرسول الأعظم
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»