البخاري عن الأحاديث المروية عن أئمة آل بيت النبوة فإني أرى فيه رأيا لا ألزم فيه أخي المؤلف ذلك أن هذا الإعراض عن أحاديث هؤلاء السادة هو من أفعال القلوب التي لا تستطيع الحكم عليها إلا بعد الاستقصاء التام، وكما نستطيع أن نقول:
إن أعراضه عن الأحاديث المروية عن الأئمة كان آتيا بدافع عدم التوثيق، نستطيع - بلا شك ولا ريب - أن نقول: أنه امتنع عن روايتها خوفا وفرقا من حكام العباسيين الذين كانوا يناصبون آل محمد العداء وهو يعلم أنه لو روى عنهم لأهمل كتابه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لقضي عليه وقبر وهو في مهده.
فإذا كانت الشجاعة الأدبية قد تخطت الإمام البخاري فيما يتعلق بأحاديث فضائل آل محمد.. فإن ذلك لا يقضي على ما بذله من جهد، ولا أقل من أن يقال في هذا الصدد: أنه اجتهد وأخطأ، ولعل إهماله لهذا الجانب من الأحاديث كان درءا لما يخشاه من سطوة الحاكم، فاكتفى من ذلك أن يقر بقلبه دون المشافهة باللسان والتسجيل بالقلم وذلك ما يطابق أضعف الإيمان هذا إن ثبت خوفه من حكام ذلك العصر - وإلا فإننا لا نستبعد أنه حاول الرواية عن رجال البيت النبوي، واستعصى ذلك عليه بسبب ما كان يضربه الحكام حول أفراد هذا البيت من سياج منيع، ليحولوا بينهم وبين اتصال طلاب العلم بهم، ونحن نعرف مدى اضطهاد الحكام لهم و حقدهم عليهم وقصارى القول فإن إغفال البخاري لهذه الأحاديث لا يضعف من شأنها