نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٣٨
وفقد أورد بعض نقاد العقائد أحاديث في ذمهم، منها قوله عليه السلام:
(القدرية مجوس هذه الأمة) ومن هنا نعلم أن خطأ الجبريين ينصب في نفي صفة العدل عن الباري سبحانه لأنه يحاسب الإنسان على أفعال هو موجدها فيه دون تدخل للمخلوق في ذلك أما خطأ القدريين فينصب في نفي قدرة الله وسلطانه على مخلوقاته، وكلاهما بعيد عن الحقيقة كل البعد فإذا كان الإمامية يقولون بمقالة الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه:
(لا جبر ولا تفويض ولكن أمرين) فإنهم يتفقون مع إخوانهم أعلام السنة كل الاتفاق، ذلك أن أهل السنة يقولون بمثل مقالتهم، ويصرحون بأن للإنسان جزءا اختياريا، فهو ليس بالجبر المحض، ولا بالخالق لأفعال نفسه وأشهر القائلين بهذه المقالة الإمام أبو الحسن الأشعري وقد حاول الإمام فخر الدين الرازي أن يفلسف التوفيق بين مذهب الجبر ومذهب التفويض حتى أثر عنه كان يقول: (الإنسان مجبر ظاهرا) وهذه مقالة دقيقة لا تخفى على الراسخين في العلم والعارفين بتفاصيل العقائد الإسلامية وهناك صورة خاصة نختم بها حديثنا في هذه المقدمة، هي قول الإمامية في (البداء) ومعناه الظاهر فعل الشئ ثم محوه، وقد قال به الإمامية في حق الله تعالى حتى أثر عنهم: (ما عبد الله بشئ مثل القول بالبداء) ولما كان البداء من صفات المخلوقين لأن فعل التي، ثم محوه يدل على
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»