وعلى الرغم من كثرة ما كتبت وما حصلت من مراجع حول هذه الشخصية العظيمة منذ عام 1943 - فإن الدوافع البيئية والوجدانية لمن يعيشون حولي كانت تردني إلى الوراء وتحملني على اليأس أكثر مما تحملني على الكتابة والانطلاق في الموضوع.
وقد ضاعف من الزهد في إتمام ما بدأت ما قرأته من أبحاث مهلهلة هنا وهناك حول شخصية هذا الإمام، فطويت صحافي وتركت الكتابة، وتأبيت على التعليق والرد.
ولكن يأبى الله سبحانه إلا أن يظل الحق حقا، وأن تكون قوته فوق طاقات الزمان وحواجز المكان وهكذا بعد عشرين عاما قضت أثر انقطاعي عن الكتابة حول هذه الشخصية الفذة، تخللتها ألوان من التخطيط المنهجي، وصور من الكتابات التي لا تقوم على أساس علمي، طالعتنا الأقدار التي تأبى إلى أن تضع الحق في نصابه بمن يميط اللثام عن وجه الحق سافرا، ويحمل السحب على الانقشاع بعد الذي طال من تلبد كان هذا الفتح الجديد في دراسة الإمام منذ عشرة أعوام حين خرج إلينا الباحث الأديب والعالم العراقي الحصيف الأستاذ أسد حيدر بالجزء الأول من كتابه (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) والذي ثم نشره على ما يبدو في مقدمة الطبعة الأولى سنة ه 1375 ه - 1956 م، فكان هذا الكتاب الجامع إيذانا بإنهاء مرحلة التخطيط حول سيرة الإمام الصادق، كما كان نقطة الانطلاق التي عرفنا من وراثها الكثير عن تاريخ (المذهب الجعفري)، وما بينه من المذاهب الفقهية الأربعة من صلات وروابط يجهلها الكثيرون من علماء هذه الأمة على الرغم مما حصلوه من ثقافات تاريخية وفقهية وفلسفية.