نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٣٥
ولا يضرونك بشئ إلا بشئ أراده الله لك فليس لهم تأثير ولا نفع ولا ضر إلا بإذن الله، وعلى هذا الأساس فزيارة قبور هؤلاء الخواص إنما هو من قبيل التأسي بأخلاقهم والاقتداء بمآثرهم الطيبة والتماس العبر والعظات في إحياء ذكراهم وذلك مباح عند الفريقين.
وصورة رابعة أخذت بتلابيب تقديري إعجابي وأنا أطالع كتاب أخي المؤلف، وأعنى بها قدرته في تجلية عقائد الإمامية في أسلوب رتيب يفصح عن تأثر الشيعة بالمنهج العقلي وسبق أني ذكرت أن سبب ذلك راجع إلى تعمق الشيعة في العلوم العقلية بقدر يماثل ما رووه عن أئمتهم من النقليات وهذا أيضا يدلنا دلالة قاطعة على الروابط المتينة التي كانت بين التشيع والاعتزال وبين أعيان الشيعة وأعيان المعتزلة، وإن من يراجع كتابنا (الصاحب بن عباد) يرى إلى أي حد كان أعيان الشيعة هم أعيان المعتزلة، وأعيان المعتزلة هم أعيان الشيعة إلا فيما شذ منهم ولقد بلغت هذه الروابط قمة التأثر المزدوج بين الطائفتين في أواسط القرن الرابع الهجري، ووصلت إلى منتهاها في شخصية (الصاحب بن عباد) الذي تولى زعامتي الاعتزال والتشيع في النصف الثاني من ذلك القرن الذي تسنمت فيه الحضارة الإسلامية مكان الذروة فإذا ما تعرض المؤلف الكريم للحديث عن (توحيد الصفات) (ص 14) في ذات الله تعالى فإنه يذكرنا بعقيدة المعتزلة في القول بتوحيد الصفات، ومن أجل هذا أطلقوا على أنفسهم أهل التوحيد فالإمامية والمعتزلة يشتركان في القول بأن الصفات هي عين الذات أي أنه سبحانه بصير بذاته، سميع بذاته، قادر بذاته وهكذا لا يفرقان بين الذات والصفات وأصحاب هذين المذهبين لهم
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»