وكانت المدينة المنورة المنطلق الأول للرسالة الإسلامية، فلا غرو أن تكون المدرسة الأولى للفقه الإسلامي، والموطن لفقهاء الشيعة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فكان من فقهاء الصحابة جمع كبير بعد أمير المؤمنين والزهراء والحسنين (عليهم السلام)، وهم الذين تولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) تربيتهم وتعليمهم، منهم على سبيل المثال: عبد الله بن عباس، وسلمان المحمدي الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وأبو رافع، إبراهيم (1) مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال النجاشي: أسلم أبو رافع قديما بمكة، وهاجر إلى المدينة، وشهد مع النبي (صلى الله عليه وآله) مشاهده، ولزم أمير المؤمنين (عليه السلام) من بعده، وكان من خيار الشيعة، ولأبي رافع كتاب " السنن والأحكام والقضاء " (2).
وكان من التابعين جمع كثير من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، حفظوا السنة النبوية وتداولوها فيما بينهم، ونقلوها إلى الأجيال التي تلتهم بأمانة، حتى قال الذهبي في " ميزان الاعتدال ": فهذا - أي التشيع - كثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، فلو رد حديث هؤلاء - أي الشيعة - لذهبت جملة الآثار النبوية (3).
ولأسباب معينة منع عمر بن الخطاب تدوين الحديث والسنة النبوية،