أما كتابي " التهذيب " و " الاستبصار "، فوضعهما بعد نحو قرن (الشيخ الطوسي) محمد بن الحسن بن علي الطوسي المتوفى في سنة (460 ه)، الملقب ب (شيخ الطائفة)، وكان فقيها في مذهبي الشيعة وأهل السنة، جمع في كتابه " التهذيب " (590 / 13) حديثا، وفي كتاب " الاستبصار " (511 / 5) حديثا.
دخل شيخ الطائفة الطوسي بغداد سنة (408 ه) واستقر فيها في حياة (الشيخ المفيد) محمد بن النعمان المتولد سنة (336) والمتوفى سنة (413 ه) ألف كتاب شرح عقائد الصدوق وأوائل المقالات، وألف نحوا من مائتي كتاب.
وتتلمذ الشيخ الطوسي بعد موت الشيخ المفيد للشريف المرتضى علم الهدى، فنجب في (مدرسة الشرف)، وفي (دار العلم) التي أنشأهما الشريف المرتضى، وكان يجري عليه اثني عشر دينارا في الشهر، طوال مدة ملازمته له حتى وفاته سنة (436 ه)، وانتفع الشيخ الطوسي بكتب السيد المرتضى، والكتب التي حوتها مكتبته، فألف في كل علوم الإسلام، واجتهد الاجتهاد المطلق، فكان حجة في فقه أهل البيت وفقه أهل السنة على حد سواء.
ومن أجل آثار الشيخ الطوسي تدريسه في مجالسه، وأماليه في النجف الأشرف، في جوار مشهد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وبهذا افتتح الطوسي عصر العلم في (النجف الأشرف) حتى صار صنوا للأزهر الأغر، الذي أقامته دولة من دول الشيعة - الفاطمية - والمعهدان - النجف الأشرف، والأزهر الشريف - هما اللذان حفظا علوم الإسلام - علوم أهل البيت (عليهم السلام) -.
فالشيخ الطوسي، والسيدان الشريفان - الرضي والمرتضى - والشيوخ الأجلاء - المفيد والصدوق والكليني - قد وصلوا ما انقطع من التأليف منذ عصر الإمام الصادق (عليه السلام) حتى منتصف القرن الخامس ليستمر التيار في التدفق.