فبقيت في صدور الصحابة والتابعين يتناقلونها حتى خلافة عمر بن عبد العزيز (ت / 101 ه)، حيث أمر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري بتدوينها (1)، وكتب إلى أهل المدينة يحثهم على جمع الحديث النبوي، كما كتب رسالة إلى أبي بكر ابن حزم يطلب منه تدوين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهكذا فلم يتفق لمحدثي غير الشيعة من الصحابة والتابعين تدوين السنة النبوية قبل هذا الوقت، وهو نهاية القرن الأول أو بداية القرن الثاني.
ولكن فقهاء الشيعة - فيما يحدثنا التأريخ - دونوا عدة مدونات حديثية مهمة، فكان أمير المؤمنين (عليه السلام) أول من صنف في الفقه ودون في الحديث النبوي، مخالفا بذلك رأي عمر بن الخطاب، كما كان لسلمان مدونة في الحديث، كما يقول ابن شهرآشوب.
ومهما يكن من أمر، فقد كان فقهاء الشيعة، وعلى رأسهم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يقودون الحركة الفكرية في العالم الإسلامي، وتنطلق هذه الحركة من المدينة المنورة بشكل خاص.
العصر الأول:
هو عصر الصحابة والتابعين، وقد ظهر مع ظهور المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة واستمر إلى أيام الإمام الصادق (عليه السلام)، وبلغ الازدهار الفكري أوجه وغايته في عهد الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام).